للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجدار الشمالي للكنيسة الكبرى، كنيسة القديس سرجيوس١.

وصادف وصول وفد الروم إلى المنذر وصول وفد آخر من اليمن أرسله ذو نواس الملك الشهير المعروف بتعذيبه نصارى نجران إلى المنذر ليفاوضه على تعذيب من في مملكته من النصارى. وقد دون "شمعون الأرشامي" قصة تعذيب هذه مدعيًا أنه نقلها من الكتاب الذي قرئ على الملك ومن أقوال من عرفه من الحاضرين، دونها في صورة كتاب ليقرأ في الكنائس ويطلع عليه المؤمنون. وقد نشر هذا الكتاب، وطبعت ترجمته كذلك٢.

وذكر أن القيصر "جستينوس" "يوسطينوس" "Justinus" كتب إلى المنذر بن النعمان طالبًا منه إخراج من في أرضه من القائلين بالطبيعة الواحدة٣. وقد جادلهم في مجلس عقده بحضرة المنذر "شيلا" الجاثليق. فلما سمع هؤلاء بذلك، هرب بعضهم إلى نجران وأقاموا هناك. وكان من مؤيديهم الحجاج بن قيس الحيري صاحب المنذر.

يظهر أن أمل القيصر في عقد هدنة أو معاهدة مع المنذر لم يتحقق، أو أنه تحقق ولكن إلى حين، فلما ساءت العلاقات بين الروم والفرس، ووقعت الحرب سنة "٥٢٨م" بين الجانبين، هاجم المنذر الروم مؤيدًا الفرس، وكان له أثر خطير في هذه الحرب، وقد توغل في بلاد الشأم، وغنم منها غنائم كثيرة،

ولكنه لم يبق فيها أمدًا طويلًا، فعاد مع جنوده سريعًا إلى قاعدته كعادة سائر الملوك بعد أن أشبع نفسه من غنائم الحرب٤.

ونجد المنذر يجدد هجومه على بلاد الشأم، بعد مدة قصيرة من هجومه الأول. لقد هاجمها سنة "٥٢٩م". وتوغل فيها حتى بلغ حدود أنطاكية، وأحرق


١ Musil, Palmyrena, P. ٢٦٥.
٢ Land: Anecs, ٣, ٢٣٥, Assemani: Bibl. Orient, I, ٣٦٤.
٣ "يوسطينيانس"، "وفي هذه السنة وجه يوسطينيانس وفدًا إلى المنذر ملك العرب ليصالحه؛ لأنه كان غزا الروم وخرب وسبا، وكان سبب الفتنة بين العرب والروم اضطهاد الملك يوسطينيانس الآباء، القائلين بالطبيعة الواحدة؛ لأن النصارى العرب يومئذ إنما كانوا يعتقدون اعتقاد اليعقوبية لا غير" ابن العبري، تأريخ مختصر الدول "ص ١٤٨". Histoire Nestorienne Chronique De Seert, Seconde Partie, P. ١٤٣.
٤ Noldeke: Sasa, II Anm. ٣, Malalas, II, ١٦٦, Rothstein, S. ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>