للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أكثر أهل فدك من اليهود. وكانوا يحترفون الحرف ومنها الصياغة. وقد دعي النعمان بأمه، فقيل له ابن سلمى في شعر الهجاء، وقصدهم من ذلك إهانته.

وقد تولى النعمان الثالث، وهو النعمان الذي نتحدث عنه، الحكم في حوالي السنة "٥٨٠" أو السنة "٥٨١" للميلاد، ودام حكمه حتى السنة "٦٠٢م"١.

والظاهر من وصف الأخباريين له أنه كان دميم الخلقة، فقالوا، إنه كان أحمر، أبرش، قصيرًا٢. وهذا مما قوى جانب خصومه في التهكم به، يضاف إلى ذلك أصل أمه، وقد أثر هذا النقص الذي لا يد له فيه، في نفسية النعمان، وفي سلوكه، ولا شك، فصيره سريع الغضب، أخاذًا بالوشايات، فوقع من أجل ذلك في مشكلات عديدة. وقد يكون تسرعه إلى تصديق ما قاله الواشون عن عدي بن زيد، وتأثره بأقوالهم من غير تحقيق ولا امتحان وقتله له، من جملة تلك العوامل التي أدت إلى هلاكه. وقد يكون اللقب الذي لقب به، وهو "الصعب"٣، وصفًا لتلك السجايا التي اتصف بها الملك، والتي تعبر عن عقدة "مركب النقص" التي كانت ملازمة له.

وقد كان لقبح النعمان ودمامته ولأصل أمه دخل ولا شك في تكوين الخلق العصبي فيه، فصار يهيج ويتأثر به، ويأخذ بأقوال الوشاة من غير تمحيص ولا تروٍّ، فنقمت منه الناس، وهجاه بعض الشعراء. أما إخوته وكانت عدتهم اثني عشر رجلًا عدا النعمان، فقد اشتهروا بالجمال والهيبة والوسامة، ولذلك نعتوا بالأشاهب، فوصفهم الأعشى بقوله:

وبنو المنذر الأشاهب بالحـ ... ـيرة يمشون غدوة بالسيوف٤

وقد أثرت شهرة أخوته بالأشاهب وبالوسامة في طبع النعمان المذكور، وزادت في عصبيته وفي حدة طبعه وفي تأثره بأقوال الناس.

ويظهر من وصف الشعراء وأهل الأخبار للنعمان أنه كان صاحب شراب، يحب


١ Brockelmann; Die Araber, I, S. ١٠.
٢ الطبري "٢/ ١٤٧"، الكامل، لابن الأثير "١/ ٢٨٥" "الطباعة المنيرية".
٣ المعاني الكبير "٢/ ٨٧٨، ١٠٢٨".
٤ الطبري "٢/ ١٩٤" "دار المعارف"، الكامل، لابن الأثير "١/ ٢٨٥" "الطباعة المنيرية".

<<  <  ج: ص:  >  >>