للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحمل على الاعتقاد بوجود مجاري أرضية تحت سطح الوادي، وأنه كان في يوم ما نهرًا من الأنهار؛ غير أننا لا نستطيع أن نتكهّن في أمر هذا الوادي أكان نهرًا جاريًا في زمن بطلميوس كما أشار إلى ذلك، أو كان واديًا رطب القيعان لم تكن عوامل الجفاف قد أثرت فيه أثرها في الزمن الحاضر. لذلك كانت تمكث فيه السيول والأمطار المتساقطة على السفوح الشرقية لجبال اليمن مدة أطول مما هي عليه الآن١. والرأي عندي أن هذه الأنهار وأمثالها التي يشير إليها المؤلفون اليونان والرومان، لم تكن في الواقع وبالنسبة إلى ذلك الزمن إلّا سيولًا عارمة جارفة سمعوا بأخبارها من تجارهم ومن بعض رجالهم الذين كُتب لهم الذهاب إلى بلاد العرب أو اتصلوا بالعرب، فظنوا أنها أنهار عظيمة على نحو ما ذكروه. فلا يعقل وجود الأنهار الكبيرة في ذلك الزمن؛ إذ كان الجفاف قد أثر تأثيره في إقليم جزيرة العرب قبل ذلك بأمد طويل، فلا مجال لبقاء أنهار على النحو الذي يذكره أولئك الكتّاب.

وينطبق هذا الاحتمال على الأودية الأخرى، وهي كما قلت كثيرة، ومنها وادي الرمة ووادي الحمض، ويعد هذان الواديان من الأودية الجافة، إلا في مواسم الأمطار الشديدة حيث تصب السيول فيهما، غير أن لها مجاري أرضية، تشير إلى تلك الحقيقة، ويمكن الحصول على المياه فيهما بحفر الآبار على أعماق ليست بعيدة عن السطح. وقد تظهر على سطح الأرض في بعض المحال، وربما كانا قبل آلاف السنين أنهارًا تجري فيها المياه، فتروي ما عليها من أرضين٢.

يتكون "وادي الرمة" عند "حرة خيبر" أو "حرة فدك"٣ من التقاء بضعة أودية ممتدة من الشمال على ارتفاع ستة آلاف قدم، ثم تتجه بعد ذلك نحو الشرق ثم تأخذ اتجاهًا جنوبيًّا شرقيًّا حيث تتصل بـ "الجرير" أو "الجريب" كما كان يعرف سابقًا٤، وهو من أوسع فروع وادي الرمة. ويتجه هذا الوادي


١Moritz. S. ٢١
٢ Motitz, S. ٢١, Phllby, in the Geogr. Journ, cxiii, "١٩٤٩" ٨٦.
٣ ويقال له "بطن الرمة" بضم الراء وتشديد الميم، وقد يقال بالتخفيف، البلدان "٢/ ٢١٩"، "ومنها وادي القصيم، المسمى وادي الرمة" تأريخ نجد، للألوسي "ص٢٩".
٤ "الجريب" بالفتح ثم الكسر، البلدان "٣/ ٩١"، mortiz, s, ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>