للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاء على المزدكية بمدة غير طويلة، وأن المنذر كان في آذار سنة "٥٢٨" للميلاد قد قام بغارته على بلاد الشأم١.

ويستدل من إشارة "ملالا" و"ثيوفانس" إلى موت الحارث في سنة "٥٢٨م" ومن تلقيبه بلقب "فيلارخس" أي عامل، على أن علاقات الحارث بالروم في أواخر أيام حياته كانت حسنة. ومعنى هذا أن خلافًا أو فتورًا كان قد وقع فيما بينه وبين الفرس، دفعه على التقرب نحو خصوم الساسانيين وهم الروم، فاتصل بهم وذلك في أيام "قباذ"، أو في أيام، "كسرى أنو شروان"٢.

ويظهر أن تودد "الحارث" إلى البيزنطيين لم يأت له بنتيجة أو بفائدة تذكر.

إذ يحدثنا الكاتبان "ملالا" و"ثيوفانس" أن قائد أن قائد فلسطين الرومي "ديوميدس" "diomedos" أجبر سيد قبيلة يدعى "أريتاس" "aritas"، أي "الحارث" على التراجع في اتجاه الهند "indica"، ويقصد بذلك جهة الجنوب أو الشرق، حيث كان يطلق البيزنطيون على العربية الجنوبية "الهند". فلما سمع بذلك "الموندارس" "alamoundaros" أي "المنذر" رئيس العرب "السرسيني" "saracens" الخاضعين لنفوذ الفرس، هجم على الحارث فقتله، وغنم أمواله وما ملكه وأسر أهله. فلما بلغ النبأ للقيصر "يوسطنيانوس" "justinianus"، أمر حكام "فينيقية" "phenicia" و"العربية" "arabia" والجزيرة وعامل الحدود بتعقب المنذر ومهاجمته. وقد اشترك في هذه الحملة عدد من القادة والحكام، وفي جملتهم سيد قبيلة اسمه "أريتاس" "aritas"، أي "الحارث". وهو الحارث بن جبلة الغساني على ما يظهر٣.

ولم يتعرض الأخباريون للخبر الذي ذكره الكاتبان عن كيفية قتل "الحارث" ولا عن الأمر الذي أصدره القيصر بتعقب "المنذر"، والظاهر أنهم لم يقفوا عليه٤.

غير أن للأخباريين رواياتهم الخاصة عن مصير صاحبنا "الحارث" الكندي.

حدث صاحب "الأغاني" أن "أنو شروان" حينما ملك، أمر بقتل الزنادقة،


١ Olinder, P. ٦٥
٢ Olindder, P. ٦٦
٣ Olinder, P. ٥٣, Noldeke, Sasaniden, S. ١٧١
٤ Olinder, P. ٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>