للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيس وكنانة، فأتاهم وأخذ سراتهم، فضربهم بالعصا وأباح الأموال وصيرهم إلى تهامة، وحبس سيدهم "عمرو بن مسعود بن كندة بن فزارة الأسدي"، والشاعر "عبيد بن الأبرص"، فأثر ذلك في نفوس "بني أسد وأضمروا له الانتقام"١. ثم إن حجرًا وفد على أبيه الحارث في مرضه الذي مات فيه، وأقام عنده حتى هلك، ثم أقبل راجعًا إلى بني أسد، فلما دنا منهم، وقد بلغهم موت أبيه، طمعوا فيه، لما أظلهم وضربت قبابه، اجتمعت بنو أسد إلى "نوفل بن ربيعة"، فهجم على "حجر" ومن معه، فانهزم جيشه وأسر "حجر" وتشاور القوم في قتله، فقال لهم كاهنهم: لا تعجلوا بقتله حتى أزجر لكم، فلما رأى ذلك "علباء" خشي أن يتواكلوا في قتله، فحرض غلامًا من بني كاهل على قتله، وكان حجر قد قتل أباه، فدخل الخيمة التي احتبس حجر بها فطعنه طعنة أصابت مقتلًا٢.

ويزعم أهل الأخبار أن "بني أسد" الذين عصوا حجرًا عرفوا منذ ضربهم حجر بالعصا بـ"عبيد العصا"، وقد أشير إلى هذه التسمية في الشعر، ويذكرون أيضًا أن "عبيد بن الأبرص"، وقف أمام الملك حجر، فقال شعرًا يستعطفه فيه على قومه، فرق لهم ورحمهم وعفا عنهم، وأرسل من يردهم إلى بلادهم، فلما صاروا على مسيرة يوم من تهامة تكهن كاهنهم وهو "عوف بن ربيعة بن عامر الأسدي"، بأنهم سيقتلون حجرًا وسينتقمون منه ومن أهله، فصدقوا بنبوءته وعادوا إلى موضع حجر فوجدوه نائمًا، فذبحوه، وشدوا على هجائنه فاستاقوها. وفي رواية أخرى، أنهم هجموا على عسكر حجر ودخلوا قبته، فطعنه علباء بن الحرث الكاهلي، فلما قتل، استصلحت أسد كنانة وقيسًا، ونهبوا ما كان في عسكر حجر وسلبوه، وأجار "عمرو بن مسعود" عيال حجر. وقيل أجارهم غيره، وبذلك تخلصت بنو أسد من حكم كندة٣.


١ الأغاني "٢/ ٦٣"، ابن خلدون "٢/ ٢٧٤ وما بعدها"، ابن الأثير "١/ ٢١٠"، الأغاني "٩/ ٨١" "طبعة دار الثقافة، بيروت ١٩٥٧"، ابن الأثير "١/٣٠٤"، "الطباعة المنيرية ١٣٤٨ هـ". البداية والنهاية. لابن كثير "٢/ ٢١٨" "القاهرة ١٩٣٢".
٢ أيام العرب "١١٤ وما بعدها".
٣ ابن قتيبة، الشعر والشعراء "١/ ٥٠ وما بعدها"، "دار الثقافة بيروت، ١٩٦٤"، الأغاني "٨/ ٦" "التقدم"، البلدان "٤/ ١٧٢ وما بعدها"، خزانة الأدب "١/ ١٥٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>