للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعود سبب هذا الاختلاف في روايات الرواة إلى النزعات القبلية التي كان يحملها الرواة. فـ"أبو زياد الكلابي" يتعصب كما نرى لـ"بني كلاب"، فيرجع الرئاسة إليهم؛ لأنه منهم، وهذا مما يأباه رواة ربيعة وينكرونه عليه إذ يرون أن الرئاسة فيهم. وتوسط رواة بين رواة ربيعة ورواة مضر حسمًا للنزاع على ما يظهر، فقالوا بالرئاستين: رئاسة كليب على ربيعة، ورئاسة الأحوص على مضر وبذلك أصلحوا ذات البين.

وقد ذكر "أبو زياد الكلابي" أن يوم "خزاز" أعظم يوم التقت فيه العرب في الجاهلية وأنه أول يوم استنصفت فيه نزار من اليمن، وأنها لم تزل منذ هذا اليوم ممتنعة قاهرة لليمن في كل يوم يلتقونه حتى جاء الإسلام١.

وذكر "الأصمعي" أن يوم خزاز كان للمنذر بن ماء السماء ولبني تغلب وقضاعة على "بني آكل المرار" من كندة وعلى بكر بن وائل، وأن المنذر وأصحابه من بني تغلب أسروا في هذا اليوم خمسين رجلًا من بني آكل المرار.

ويفهم من شعر لـ"عمرو بن كلثوم" قيل إنه قاله متذكرًا هذا اليوم، أن رهطه وهم من بني تغلب آبوا بالنهاب وبالسبايا وبالملوك مصفدين. ولم يشر الشاعر إلى هوية هؤلاء الملوك المأسورين، ولكن "الأصمعي" يقول: إنه قصد بقوله: "وأُبنا بالملوك مصفدينا" "بني آكل المرار"٢.

فيظهر من الرواية المتقدمة أن يوم خزاز، كان بين سلمة ومن جاء من اليمن وبين تغلب ومن انضم إليها من قبائل ربيعة ومضر. ويظهر من رواية الأصمعي أن ذلك اليوم كان بين المنذر بين ماء السماء وتغلب وقضاعة من جهة وبين "بني آكل المرار"، وبكر بن وائل من جهة أخرى. وهناك روايات أخرى تذكر أن هذا اليوم، إنما كان قد وقع بين ملك من ملوك اليمن وبين قبائل معد، ولا علاقة له بسلمة وببني آكل المرار أو المنذر بن ماء السماء في هذا اليوم، الذي أدى إلى انتصار بني معد على أولاد قحطان٣.


١ البلدان "٣/ ٤٣٠ وما بعدها".
٢ النقائض "ص٨٨٧"، من بيت لعمرو بن كلثوم:
وَآبوا بِالنِهابِ وَبِالسبايا ... وَأُبنا بِالمُلوكِ مُصَفَّدينا
٣ ابن الأثير "١/ ٣١٠"، العقد الفريد "٣/ ٣٦٤"، نقائض جرير والفرزدق "٢/ ١٩٣"، البكري، معجم "٢/ ٤٩٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>