للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر١. ويجب أن يكون هذا الحارث هو "الحارث بن أبي شمر الغساني"، الذي ذكر أن الرسول وجه كتابًا إليه، حمله إليه: شجاع بن وهب كما سيأتي فيما بعد.

وذكر حمزة أن الذي حكم بعد "الحارث بن جبلة" وهو ابنه "النعمان بن الحارث"، وكنيته "أبو كرب" ولقبه "قطام"، وهو الذي بنى ما أشرف على "الغور الأقصى". وكان ملكه سبعًا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر٢.

وقد أخطأ حمزة في إضافة لقب "قطام" إلى النعمان بن الحارث، ولا نعرف أن أحدًا أضاف هذا اللقب إليه.

ونجد للنابغة الذبياني أشعارًا في مدح "النعمان" المذكور، وكان يزوره ويتوسط لديه في فك أسرى قومه الذين كانوا يقعون في أسر الغساسنة، وذلك بسبب غاراتهم المتوالية على بني غسان وأعرابهم. وكان قومه "بنو ذبيان" وحلفاؤهم "بنو أسد" إلى جانب عرب الحيرة، وكانوا ينقمون على الغساسنة ويغيرون دومًا على أرضهم، فيتدخل النابغة لدى الغساسنة للصفح عن قومه، ويتوسل إليهم في فك أسرهم. ولما أغار قومه على وادي "ذي أقر"، نهاهم النابغة عن هذه الغارة، وحذرهم من عواقبها، وهولهم بكثرة ما لدى "النعمان بن الحارث"، من جموع وحشود، غير أنهم لم يهتموا بنصح النابغة، ولم يحفلوا بتخويفه لهم، بل عدوا نصيحته هذه لهم من إمارات الخوف والجبن، فتصدت لهم أعراب "النعمان" بقيادة "النعمان بن الجلاح الكلبي" وأوقعت بهم خسائر فادحة، ويذكر بعض الرواة أن "ابن الجلاح" سبى ستين أسيرًا وأهداهم إلى قيصر الروم٣ ولم يتطرقوا لبيان الأسباب التي أدت بالغساسنة إلى إهداء هؤلاء الأسرى إلى الروم. وأعتقد أن إقحام "قيصر الروم" في هذا الإهداء، هو من مبالغات الرواة، وقد عودونا أمثال هذه المبالغات. إلا أن يكون أولئك الأعراب قد غزوا حدود الروم، فأوجعوا أهلها، فقدم "ابن الجلاح" الذي تعقبهم، من وقع في أسره إلى حاكم من حكام الروم لتأديبهم.


١ حمزة "ص٨٠".
٢ حمزة "ص٨٠".
٣ ديوان النابغة "ص٥٤" "بيروت ١٩٢٩م".

<<  <  ج: ص:  >  >>