للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"دمشق" أو تجاوزها ومن وصوله مواضع قريبة منها أو ملتصقة بها، فيجب أن تحمله محمل المجاز أو محمل مبالغات الشعراء في التفاخر والتباهي والمدح. فإذا استثنينا هذا الشعر لا نجد أي مورد تأريخي يقول باستيلاء الغساسنة على "دمشق" أو على مواضع متصلة بها. وكل ما نعرفه من الموارد التأريخية أن سلطانهم كان على أطراف بلاد الشأم، أي على المواضع التي رأى الروم أن من الأصلح لهم تركها إلى أمراء غسان، لصعوبة ضبطها من الوجهة العسكرية بالنسبة إليهم، ولعل ما يذكره أولئك الشعراء هو تعبير عن قصور وأملاك اشتراها ملوك الغساسنة وأمراؤهم في "دمشق" وفي مواضع حضرية أخرى لقضاء بعض الوقت فيها كما يفعل الأمراء في الزمن الحاضر من شراء بيوت وقصور في لبنان وفي أوروبة يقيمون فيها بعض الوقت للتسلية والراحة. فزارهم فيها أولئك الشعراء، ووصفوها وصفًا شاعريًّا، صور الشأم وما حولها كأنها ملك من أملاك الغساسنة.

لقد كان "آل جفنة" كلهم على النصرانية عند ظهور الإسلام، وكانوا أصحاب دين وعقيدة، يدافعون عن مذهبهم كما رأينا. وكانت لهم بيع وكنائس بنوها لهم ولرعيتهم. وقد أشير إلى رجل عرف بـ"أرطبان المرني"، قيل إنه كان "شماسًا" في "بيعة غسان"١، مما يدل على أنها كانت بيعة خاصة بآل غسان.

وقد نسب بعض أهل الأخبار أماكن أخرى إلى الغساسنة، وذلك بالإضافة إلى الأماكن التي سبق أن تحدثت عنها. ومن هذه الأماكن: صفين. وقد زعموا أن منزل "جبلة بن النعمان" كان به. وقد كان في الوقت نفسه صاحب عين أباغ٢.

ومن الأماكن المنسوبة إلى الغساسنة موضع "حارب" وقد ورد اسمه في شعر ينسب إلى النابغة حيث يقول:

لئن كان للقرين قبر بجلق ... وقبر بصيداء التي عند حارب٣

وورد "قصر حارب". وقد نسبه "حمزة" إلى النعمان بن عمرو بن المنذر٤.


١ الإصابة "١/ ١٠٢".
٢ ابن خلدون: المجلد الثاني من القسم الأول، "ص٥٨٦".
٣ البلدان "٢/ ١٨٣"، البكري، معجم "١/ ٤١٧"، المعاني الكبير "٢/ ١٠١٥".
٤ حمزة "ص٧٩"، الهمداني، صفة "ص١٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>