للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تطرق "ابن قتيبة" إلى "ملوك الحبشة في اليمن"، فذكر اسم "أبرهة الأشرم"، ثم "يكسوم بن أبرهة"، ثم "سيف بن ذي يزن"، فقال عنه: أنه "أتى كسرى أنو شروان بن قباذ" في آخر أيام ملكه -هكذا تقول الأعاجم في سيرها، وأنا أحسبه هرمز بن أنو شروان على ما وجدت في التأريخ"١.

مما يدل على أنه نقل أخباره عن حملة الفرس على اليمن من كتب سير ملوك العجم، المؤلفة بلغتهم، كما نقل من موارد أخرى غير أعجمية. وقد ذكر أيضًا أن المؤرخين اختلفوا اختلافًا متفاوتًا في مكث الحبشة في اليمن٢

وكون الأبناء طبقة خاصة في اليمن، ولما قدم "وبر بن يحنس" على الأبناء باليمن، يدعوهم إلى الإسلام، نزل على بنات النعمان بن يزرج فأسلمن، وبعث إلى فيروز الديلمي فأسلم، وإلى "مركبود" وعطاء ابنه، ووهب بن منبه، وكان أول من جمع القرآن بصنعاء ابنه عطاء بن مركبود ووهب بن منبه٣.

ونجد عهد استيلاء الحبشة الأخير على اليمن عهدًا كريمًا من ناحيته التأريخية؛ إذ دون جملة نصوص، تحدثت عنها فيما سلف. أما عهد استيلاء الفرس على اليمن إلى دخولها في الإسلام، فلم يترك شيئًا مدونًا ولا أثرًا يمكن أن يفيدنا في الكشف عن اليمن في هذا العهد. لم يترك لنا كتابة ما، لا بالمسند ولا بقلم الساسانيين الرسمي بشرح الأوضاع السياسية أو أي وضع آخر في هذا العهد.

وحالنا في النصوص الكتابية في أول عهد دخول اليمن في الإسلام، مثل حالنا في استيلاء الفرس عليها، فنحن فيه معدمون لا نملك ولا نصًّا واحدًا مدونًا من ذلك العهد. وهو أمر مؤسف كثيرًا، وكيف لا وهو والعهد الذي قبله المتصل به، ومن أهم العهود الخطيرة في تأريخ اليمن وجزيرة العرب، ونص واحد من هذين العهدين ثروة لا تقدر بثمن لمن يريد الوقوف على التطورات التأريخية التي مرت بالعرب قبيل الإسلام وعند ظهوره.


١ المعارف "ص٦٣٨"، "ثروت عكاشة".
٢ المصدر نفسه.
٣ الطبري "٣/ ١٥٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>