للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقصدا بذلك موطن إبراهيم، وهو من أهل العراق على رواية التوراة أيضا ولعلهما أخذا هذا الرأي من أهل الكتاب في يثرب.

ويذكر أن جِذْم قريش كلها "فهر بن مالك" فما دونه قريش وما فوقه عرب، مثل كنانة وأسد وغيرهما من قبائل مضر. وأما قبائل قريش, فإنما تنتهي إلى فهر بن مالك لا تجاوزه١, ومن جاوز "فهرًا" فليس من قريش٢. ومعنى هذا أن جذم قريش من أيام "فهر بن مالك" فما فوقه، كانت متبدية تعيش عيشة أعرابية، فلما كانت أيام "فهر" أخذت تميل إلى الاستقرار والاستيطان، ولما استقرت وأقامت في مواضعها عرفت بـ"قريش".

وذكر أن قريشًا قبيلة، وأباهم النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، فكل من كان من ولد "النضر"، فهو "قرشي" دون ولد كنانة ومن فوقه. وورد كل من لم يلده "فهر" فليس بقرشي, وهو المرجوع إليه٣.

وقد صيرت رابطة النسب هذه قريشًا قبيلة تامة تقيم مجتمعة في أرض محدودة، وبصورة مستقرة في بيوت ثابتة فيها بيوت من حجر، بين أفرادها وأسرها وبطونها عصبية، وبينهم تعاون وتضامن. كما جعلت أهل مكة في تعاون وثيق فيما بينهم في التجارة, حتى كادوا يكونون وكأنهم شركاء مساهمون في شركة تجارية عامة. يساهم فيها كل من يجد عنده شيئًا من مال، وإن حصل عليه عن طريق الاقتراض والربا؛ ليكون له نصيب من الأرباح التي تأتي بها شركات مكة.

ويقسم أهل الأخبار قريشًا إلى: قريش البطاح، وقريش الظواهر, ويذكرون أن قريش البطاح بيوت، منهم: بنو عبد مناف, وبنو عبد الدار, وبنو عبد العزَّى, وبنو عبد بن قصي بن كلاب، وبنو زهرة بن كلاب, وبنو تيم بن مرة, وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم، وبنو جمح ابنا عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، وبنو حسل بن عامر بن لؤي، وبنو هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، وبنو هلال بن


١ العقد الفريد "٣/ ٣١٣ وما بعدها".
٢ نهاية الأرب "١٦/ ١٥".
٣ تاج العروس "٤/ ٣٣٧"، "قريش".

<<  <  ج: ص:  >  >>