للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} ١. وفي القرآن الكريم آيات أخرى ترينا تمسك نخبة مكة ورجال الملأ بحقوقهم وبما ورثوه من عرف مكنهم من الملأ، وفي تمسكهم بها محافظة على حقوقهم الموروثة وعلى مصالحهم وعلى زعامتهم في الناس.

فملأ مكة أناس محافظون لا يقبلون تجديدًا ولا تطويرًا، سنتهم التعلق بالماضي، وكره الثورة والخروج عن العرف والعادة مهما كانت. فالعرف جرى الناس عليه, فلا خروج على العادة والعرف. أما المستهين بالعرف المخالف لسنة الآباء والأجداد، فيعاقب حتى يعود إلى رشده وصوابه. وهم باستماتتهم في التمسك بالماضي كيف كان، وبتطرفهم في المحافظة على العرف، إنما يراعون بذلك حقوقهم الموروثة ومكانتهم الاجتماعية ومصالحهم الاقتصادية، فالعرف جعلهم الطبقة الحاكمة بالتقاليد، المحافظة على مصالحها، استنادًا إلى العادات. هم يحكمون بهذا القانون الموروث غير المسجل، وعلى الناس الطاعة والانقياد. {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} ٢.

وقد توارث بنو عبد الدار الندوة، حتى باعها "عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار" من معاوية، فجعلها دار الإمارة بمكة، ثم أدخلت في الحرم٣. وورد في رواية أخرى أن "حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسلمي" وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد، كان هو الذي باعها من معاوية وكانت بيده، باعها بمائة ألف درهم٤, وكان قد اشتراها من منصور بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار٥.

ودار الندوة، هي أول دار بنيت بمكة على حد قول الرواة، وكانت أشهر


١ الزخرف، الآية ٢٤.
٢ البقرة، الآية ١٧٠.
٣ ابن الأثير، الكامل، "٢/ ١٤ وما بعدها", تاج العروس "١٠/ ٣٦٢ وما بعدها", ابن سعد، طبقات "١/ ٧٧"، "وعكرمة بن عامر بن هشام بن عبد الدار بن قصي", الأحكام السلطانية "ص١٦٤", البلاذري, أنساب "١/ ٥٣".
٤ ديوان حسان "٦٩", "البرقوقي".
٥ نسب قريش "٢٥٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>