للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرخ بشعر يشكو فيه ظلامته، فتداعيت قريش، وعقدت حلف الفضول.

وقيل: لم يكن من "بني أسد"، ولكنه "قيس بن شيبة السلمي"، باع متاعًا من "أبي خلف الجمحي" وذهب بحقه، فاستجار بـ"آل قصي"، فأجاروه، فكان ذلك سبب عقد حلف الفضول١. وقيل: بل كان الرجل من "بارق"، فلما يئس من أخذ حقه من "أبي"، صعد في الجبل ورفع عقيرته بقوله:

يا للرجال لمظلومٍ بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار والنفر

إن الحرام لمن تمت حرامته ... ولا حرام لثوب الفاجر الغدر

فلما سمعه "الزبير بن عبد المطلب", أجابه:

حلفتُ لنعقدن حِلْفًا عليهم ... وإن كنا جميعًا أهل دارِ

نُسميه الفضول إذا عقدنا ... يقربه الغريب لذي الجوارِ

ثم قام وعبد الله بن جدعان، فدعوا قريشًا إلى التحالف والتناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فأجابوهما، وتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان، فهذا حلف الفضول٢.

وذكر أن رجلًا من "خثعم" قدم مكة ومعه بنت وضيئة، فاغتصبها منه "نبيه بن الحجاج"، فقيل له: عليك بحلف الفضول، فوقف عند الكعبة ونادى: يا لحلف الفضول، فاجتمعوا حوله، واستردوا الجارية من نبيه, وقالوا له: "ويحك, فقد علمت من نحن وما تعدهدنا عليه" فأعادها إليه٣.

ويظهر من هذا الخبر أن حلف الفضول كان قد عقد قبل هذه الحادثة، وأن جماعته كانت شديدة متراصة في دفع الحق إلى أهله واسترجاعه ممن اغتصبه كائنًا ما كان.

ويظهر أن هذا الحلف استمر قائمًا إلى وقت ما في الإسلام، ثم فقد


١ اليعقوبي "٢/ ١٣ وما بعدها".
٢ الثعالبي، ثمار القلوب "١٤١"، السهيلي، الروض الأنف "١/ ٩١".
٣ السيرة الحلبية "١/ ١٥٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>