للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجياع، فآووهم وساعدوهم على نحو ما جاء في شعر لمطرود بن كعب الخزاعي, إذ يقول:

هبلتك أمك لو حللت بدارهم ... ضمنوك من جوع ومن إقراف١

وقوله:

والخالطين غنيهم بفقيرهم ... حتى يصير فقيرهم كالكافي٢

والعطف على الفقراء ومواساة الضعفاء وذوي الحاجة من خلال الأشراف السادات؛ لأنهم إن لم يغثيوا الغائث ويرحموا المسكين فمن يرحمهم إذن على وجه هذه الأرض! وقد مدح من يخلط الفقير بالغني فيساوي بينهما، وذم من يبيت شبعان وجاره يبيت خامصًا لا شيء عنده يعتمد عليه٣.

وكان من أهم الأحداث التي وقعت في أيام الرسول، يوم كان في الخامسة والثلاثين، بناء الكعبة؛ بسبب سيل ملأ ما بين الجبلين، ودخل الكعبة حتى تصدعت، أو بسبب حريق أصاب أستار الكعبة، فتصدعت، فعزمت قريش على بنائها، فهدمتها وأعادت بناءها. وذكر أن قريشًا كانت قد أفردت ببناء كل ربع من أرباع البيت قومًا، وكان ذلك بقرعة بينهم. فلما انتهوا إلى موضع الحجر الأسود، اختلفوا فيمن يضعه وتشاحّوا عليه، فرضوا بأول من يدخل من الباب, فكان أول من دخل رسول الله، فوضعه بيده، بعد أن قال: "ليأتِ من كل ربع من قريش رجل"، وبذلك فضَّ النزاع٤. ويجب أن يكون حادث بناء البيت إذن في حوالي السنة "٦٠٥" للميلاد.


١ اليعقوبي "١/ ٢١٤"، "طبعة النجف ١٩٦٤م".
٢ "فما ربح الغني قسمه بينه وبين الفقير، حتى صار فقيرهم كغنيهم، فجاء الإسلام وهم على هذا، فلم يكن من العرب بنو أب أكثر مالًا ولا أعز من قريش, وهو قول شاعرهم:
والخالطون فقيرهم بغنيهم ... حتى يصير فقيرهم كالكافي
فلم يزالوا كذلك حتى بعث الله رسوله"، تفسير القرطبي، "٢٠/ ٢٠٥", الطبرسي، مجمع البيان "١٠/ ٥٤٦"، "طبعة طهران"، البلاذري، أنساب "١/ ٥٨"، ابن العربي، محاضرات الأبرار "٢/ ١٩".
٣ القالي، الأمالي "٢/ ١٥٨", kister, p. ١٢٣.
٤ البلاذري، أنساب "١/ ٩٩"، ابن رستة، الأعلاق النفيسة، "وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ, قد ناهز الحلم"، "ص٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>