للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلما احتاج إلى مال ذهب، فاستخرج ما يحتاج إليه من ذلك الكنز, حتى صار من أغنى أغنياء مكة١.

فثراء "عبد الله بن جدعان" هو من هذا الكنز, على زعم رواة هذه القصة التي يتصل سندها بـ"عبد الملك بن هشام" راوية "كتاب التيجان"، وهو كتاب مليء بالأقاصيص والأساطير، وقد تكون القصة صحيحة، فعثور الناس على كنوز ودفائن من الأمور المألوفة، وقد عثر غيره ممن جاءوا قبله أو جاءوا بعده على كنوز، بل ما زال الناس حتى اليوم يعثرون عليها مصادفة أو في أثناء الحفر والتنقيب. والشيء الغريب فيها هو هذا التزويق والنتميق، وهو أيضا شيء مألوف بالنسبة إلينا، وغير غريب وقد تعودنا قراءته، فمن عادة القصاصين ورواة الأساطير والأباطيل الإغراب في كلامهم والكذب فيه لأسباب لا مجال لذكرها هنا، وعلى رأس هذه الطائفة "وهب بن منبه" صاحب "كتاب التيجان".

وذكر أنه لثرائه كان لا يشرب ولا يأكل إلا بآنية من الذهب والفضة, فعرف لذلك بـ"حاسي الذهب"٢.

ويذكر أهل الأخبار أن "عبد الله بن جدعان" كان نخاسًا، له جوارٍ يساعين، ويبيع أولادهن. فكانت جواريه تؤجر للرجال، وما ينتج عن هذا السفاح من نسل يربى، فيبقي منه عبد الله ما يشاء ويبيع منه ما يشاء٣. ولكنه مع اتجاره بالرقيق، وعلى النحو المتقدم، كان -كما يقولون- يعتق الرقاب, ويعين على النوائب، ويساعد الناس, ويقضي الحاجات٤، ولا سيما بعد تقدمه في السن.


١ البداية والنهاية، لابن كثير "٢/ ٢١٧ وما بعدها"، تأريخ الخميس "١/ ٢٥٥", عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المالكي، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي "١/ ١٩٩", ابن الأثير، الكامل "١/ ٣٥٩".
٢ أيام العرب "٢٤٨".
٣ المسعودي، مروج "٤/ ١٤٥" "طبعة باريس"، الثعالبي، لطائف المعارف "١٢٨" "الأبياري", المعارف لابن قتيبة "٥٧٦".
٤ البداية، لابن كثير "٢/ ٢٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>