للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأقربائهم على اليهود، فغلبوهم، وصارت الغلبة للعرب على المدينة منذ ذلك العهد, على نحو ما سأتحدث عنه بعد قليل١.

وأقدمُ مورد أشير فيه إلى "يثرب"، هو نص الملك "نبونيد" ملك بابل، الذي سكن "تيماء" أمدًا، وذكر فيه أنه بلغ هذه المدينة، كما سلف أن تحدثت عن ذلك في أثناء حديثي عن صلات العرب بالبابليين. وقد عرفت بـ"يثربة" "Jathripa" في جغرافيا "بطلميوس" وعند "إصطيفان البيزنطي"٢. وعرفت بـ"المدينة" كذلك من كلمة "Medinto" "Medinta" الإرمية، التي تعني "مدينة" في عربيتنا و"هكر" في العربية الجنوبية٣. وقد ورد اسمها في الكتابات المعينية٤.

ويظهر أنها عرفت بـ"مدينة يثرب" على نحو ما وجدنا في كتاب "إصطفيان البيزنطي"، ثم اختصرت، فقيل لها "مدينتا أي: "المدينة". ولما نزل الرسول بها، عرفت بـ"مدينة الرسول" في الإسلام٥.

ولقدم تأريخ "يثرب" ولورود اسمها في نص "نبونيد"، الذي يدل على أنها كانت معروفة إذ ذاك، لا يستبعد احتمال عثور المنقبين في المستقبل على كتابات وآثار قد تكشف عن بعض تأريخ هذه المدينة في أيام ما قبل الإسلام.

ولم يشر أهل الأخبار إلى وجود حرم أو بيت بيثرب، كما يتعبد فيه اليثربيون ويتقربون إليه بالنذور، مع أنهم أشاروا إلى بيت اللات في الطائف. ويثرب مدينة مثل الطائف ومثل مدن أخرى كانت ذات محجات ومعابد، وقد كان أهل يثرب -مثل غيرهم من العرب- مشركين يتقربون إلى الأصنام، وكانوا يحفظون


١ ابن رستة، الأغلاق، "٦٢ وما بعدها"، البداية والنهاية لابن كثير "٢/ ١٦٠", "مطبعة السعادة، ١٩٣٢م".
٢ تأريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي "٣/ ٣٩٥"، "٤/ ١٨١", Ptolemy, VI, ٧, ٣١.
٣ Blay, in ZDMG, ٢٢, ١٨٦٨, S. ٦٦٨, Ency, III, P. ٨٣. Paulys-Wissowa, ١٧ ter Halbband, ١٩١٤, ٧٩١.
٤ Ency, III, P. ٨٣, Winckler, Arabisch –Semitiseh in Mitteilungen der vorderasiatischen Gesellschaft, ١٩٠١, S. ٦٣.
٥ Ency. III, P. ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>