للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتله١. ومن القبائل المجاورة لهذيل: "فهم" و"عدوان", وكانت ديارهم بالسراة٢.

وممن كتب إليهم الرسول، ودون "ابن سعد" صور كتبه إليهم: "سعيد بن سفيان الرعلي", وقد أعطاه الرسول "نخل السوارقية وقصرها، لا يحاقه فيها أحد", وكتب الكتاب وشهد عليه "خالد بن سعيد"٣, و"عتبة بن فرقد", وقد أعطاه الرسول موضع دار بمكة، يبنيها مما يلي المروة٤.

على هذا النحو كان الوضع السياسي في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام وفي أوائل أيامه: قوى مستقلة تخشى القبائل المحيطة بها, وأذواء وأقيال في اليمن وحضرموت ورؤساء قبائل يتحكمون في مناطق نفوذ قبائلهم، ويعيشون على ما يأخذونه من أتباعهم من حق الرئيس على المرءوس في السلم وفي الحرب، وهم فيما بينهم في خصام وتنافس، لم تتركهم الخصومة من الانصراف إلى شئون رعيتهم، وهم أنفسهم لم يفكروا في الانصراف إلى ذلك. فتدهورت الأحوال، وظهر أفراد ينادون بإصلاح السال، وبالتفكير في تحسين الأوضاع وبالتعقل, وكان الصراع بين الفرس والروم, قد جسَّر الأعراب على الدولتين, وأخذت النصرانية ترسل المبشرين إلى العرب، لنشر النصرانية بينهم. وتغلب القلم المتصل الحروف، الذي صار قلم العرب والإسلام على القلم المنفصل الحروف, قلم العرب القديم، القلم المسند, وانتشر في مكة ويثرب. ونادى الأحناف بنبذ الوثنية والأوثان, ونزل الوحي على الرسول في أول العشر الثاني من القرن السابع للميلاد. وظهر الإسلام داعيًا العرب وغيرهم إلى الإيمان بإله واحد خالق لهذا الكون, وبرسالة رسوله وبما جاء به من أوامر وأحكام. فكان ظهوره نهاية للجاهلية، وبداية لعهد جديد، عهد الإسلام.

وبظهور الإسلام على أعدائه في جزيرة العرب، وبقضائه على أهل الردة، أوجد لجزيرة العرب وجهًا جديدًا من وجوه الحياة، لم تشهده في حياتها ولم


١ نهاية الأرب "١٧/ ١٢٨ وما بعدها".
٢ البكري, معجم "١/ ٨٨".
٣ ابن سعد, طبقات "١/ ٢٨٥".
٤ ابن سعد, طبقات "١/ ٢٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>