للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ذكرته يمثل مجمل آراء علماء النسب عند العرب في موضوع كيان القبيلة وفروعها التي تتفرع منها درجة درجة، حتى تصل إلى البيت الذي يتكون من الأب والأم وأولادهما. وقد رأينا أنهم قد اختلفوا فيما بينهم وتباينوا في الترتيب وفي العدد, منهم من يقدم، ومنهم من يؤخر، ومنهم من يزيد، ومنهم من ينقص. واختلافهم هذا فيما بينهم، هو دليل يشعرنا أن التقسيم المذكور لم يكن تقسيمًا ثابتًا عند كل القبائل وأنه لم يكن تقسيمًا جاهليًّا بل كان تقسيمًا محليًّا اختلف بين قبيلة وأخرى، وأن أسماء أجزاء القبيلة، لم تكن أسماء عامة متبعة عند الجميع، أي أسماء مقررة عند كل قبيلة، بل هي أسماء أخذها العلماء من هنا وهناك، ولهذا وقع بينهم هذا الاختلاف، ولو كان عند الجاهليين تقسيم واحد لأجزاء القبيلة فما كان من المعقول أن يقع علماء النسب واللغة فيما رأينا من تباين واختلاف, ولوجب اتفاقهم في الترتيب وفي العدد. فالتقاسيم المذكورة إذن، هي من وضع وترتيب وجمع علماء النسب واللغة في الإسلام.

وأصغر وحدة من وحدات القبيلة هي: الأسرة، أي "البيت". فهي نواة القبيلة وبذرتها وجرثومتها، ومن نموها ظهرت شجرة القبيلة التي يختلف حجمها وتختلف كثرة أغصانها وفروعها باختلاف منبت الشجرة والظروف والعوامل التي أثرت في تكوينها، من بذرة جيدة ومن تربة صالحة وماء كافٍ. والبيت هو نواة القبيلة عند العرب، وهو نواة القبيلة عند كل الشعوب القبلية, بل هو نواة المجتمع في كل مجتمع إنساني.

<<  <  ج: ص:  >  >>