أعمام، تركه أعمامه عند أمه حتى يكبر، ثم يأخذه أعمامه، وقد تأتي أمه معه. ولكن العادة أن الأم تبع أهلها أي: عشيرتها، فإذا توفي زوجها وهي من عشيرة أخرى، تركت عشيرته لتعود إلى عشيرتها، فإذا كبر المولود خُيِّر بين البقاء مع أمه أو الالتحاق بأعمامه، أي: بعشيرة والده. والأغلب أن يختار الولد عشيرة الوالد؛ لأن نسب الولد من نسب والده، فيلتحق المولود بعشيرة الأب, وتقدم عشيرته على عشيرة الأم, إذ يشعر أن عشيرة أمه وإن كانت قريبة منه، إلا أن قربه منها ليس كقربه من عشيرة والده، وقد يعير باختياره عشيرة أمه عشيرة له. ولدينا أمثلة تشير إلى تعيير الأولاد أولادًا آخرين؛ لالتحاقهم بعشيرة أمهم وتركهم عشيرة والدهم، كالذي كان من أمر عبد المطلب يوم كان طفلًا, إذ عيره أطفال عشيرة أمه بلجوئه إلى عشيرتهم، إذ لا عشيرة له, ولو كانت له عشيرة للحق بها؛ مما حمله على ترك يثرب والرجوع إلى أعمامه بمكة. فالعم في نظرهم بمنزلة الوالد، وهو أقرب الناس إليه، وهو وريثه في العصبات. وبهذه الحجة احتج العباسيون على العلويين في تقدمهم عليهم بحق الخلافة.
ومن هنا نجد العرب يوصون بأولاد العم خيرًا، وألا يتهاتروا معهم ولا يختلفوا مهما وقع بينهم من خلاف. وفي هذا المعنى يقول أبو الطمحان:
إذا كان في صدر ابن عمك إحنة ... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها١
وللخئولة مكانة كبيرة في العصبة عند العرب, قد تقوى على العمومة، فإذا هلك إنسان وكان إخوته على خلاف مع زوجته أو كان حالهم ضعيفًا قامت الخئولة مقام العمومة في رعاية الأولاد وحمايتهم ومدهم بالعصبية. بل قد نجد أن عصبية الخئولة أقوى عند العرب في الغالب من عصبية العمومة، وفي تأريخ الجاهلية والإسلام أمثلة كثيرة على ذلك.
ومن حسن حظ الإنسان في الجاهلية أن يكون له أعمام وأخوال كثيرون، خاصة إذا كانوا أصحاب جاه وسيادة؛ لأنه سيعتز بهم، ويفتخر بكثرتهم. وكان الجاهليون يقولون: رجل معم ورجل مخوِل وأخول، إذا كان له أعمام