للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرين منهم، وأغلب ظني أنها من المستحدثات التي ظهرت في الجاهلية المتصلة بالإسلام وفي الإسلام. وقد ذكر الأخباريون أسماء عدد كبير من البطون والقبائل المنتسبة إلى حمير، كان لها شأن كبير في تأريخ اليمن في الإسلام. أما في خارجها، فقد أعطى الأخباريون الأدواء الكبرى لأبناء كهلان.

وأما "قضاعة" فللنسابين في أصلها آراء، منهم من أرجع نسبها إلى حمير، فجعل نسبها قضاعة بن مالك بن عمرو بن مُرّة بن زيد بن حمير١. ومنهم من نسبها إلى معدّ، فجعل قضاعة الابن البكر لمعدّ٢، ومنهم من صيرها جذمًا مستقلًّا مثل جذم قحطان عدنان. ومرد هذا الاختلاف إلى عوامل سياسية أثرت تأثيرًا كبيرًا في تصنيف الأنساب، ولا سيما في أيام معاوية وابنه يزيد اللذين بذلا أموالًا جسيمة لرؤساء قضاعة في سبيل حملهم على الانتفاء من اليمن والانتساب إلى معد، لكونها قوة كبيرة في بلاد الشأم في ذلك العهد، ولا سيما أن منهم بني كلب، فذكر أن زعماءها وافقوا تجاه هذه المغريات على الانتساب إلى معدّ، غير أن الأكثرية رفضت ذلك، وأبت إلا الانتساب إلى قحطان٣.

ويرى بعض النسابين والمستشرقين أن انتساب قضاعة إلى يمن غير قديم٤. "قال أبو جعفر بن حبيب النّسَّابة: لم تزل قضاعة في الجاهلية والإسلام، تعرف بمعدّ حتى كانت الفتنة بالشأم بين كلب وقيس عيلان أيام مروان بن الحكم. فمالت كلب يومئذ إلى اليمن، فانتمت إلى حمير، استظهارًا منهم بهم على قيس. وذكر ابن الأثير في الأنساب هذا الاختلاف، ثم قال: ولهذا قال محمد بن سلام البصري النَّسَّابة لما سئل: أنزار أكثر أم اليمن؟ فقال: إن تمعددت قضاعة،


١ منتخبات "ص٨٧"، ابن خلدون "٢/ ٢٤٧"، المبرد "ص٢٣"، ابن حزم: جمهرة "ص٤١١ وما بعدها"، "عمرو بن مالك بن حمير". القاموس "٣/ ٦٩"، الاشتقاق "ص٣١٣"، خلاصة الكلام، "ص٤٩"، سبائك الذهب "ص١٩، ٢٣".
٢ ابن عبد البر: الإنباه على قبائل الرواة "ص٥٩، ١٢١"، "وتزعم نساب مضر، أنه قضاعة بن معد بن عدنان، والصواب هو الأول" تاج العروس "٥/ ٤٧٠"، اللسان "١٠/ ١٤٧".
٣ منتخبات "ص٨٧"، وتجد القصة في شكل آخر في كتاب "الإنباه على قبائل الرواة" لابن عبد البر "ص٦٠ وما بعدها". ولكنها لا تغفل العامل السياسي في هذا الباب. الجاحظ كتاب الحيوان "٤/ ١٠٧"، الأغاني "٧/ ٧٧ وما بعدها".
٤ Wellhausen, Das Arabische Reich, S. ١١٣, Ency, II, P. ١٠٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>