للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع "رجلة التيس"١. ولكن ذلك لا يعني أن العلاقات بين بطون طيء وأسد كانت حسنة دومًا، وثيقة لم يعكر صفوها ما يقع عادة بين القبائل من حروب. فقد وقعت بين القبيلتين حروب كذلك. منها: الحرب التي وقعت بالخص في العراق على مقربة من قادسية الكوفة. وقد انتهت هذه الحرب كما تنتهي الحروب الأخرى بتصفية حسابها بدفع الديات وبعقد صلح٢.

وقد وقعت بين عبس وطيء جملة غزوات. قضت إحداها على حياة "عنترة بن شداد"، البطل الأسود الشهير٣. أغار عنترة مع قومه على بني نبهان من طيء، وهو شيخ كبير، قد عبثت به يد الدهر، فجعل يرتجز، وهو يطرد طريدة لطيء. فانهزمت عبس. وأصيب عنترة بجرح قضى عليه٤. وهناك رواية أخرى في مقتل بطل عبس٥.

وفي رواية للأخباريين أن ابن هند ملك الحيرة أغار على إبل لطيء، فحرض زرارة بن عدس، عمرو بن هند على طيء، وقال له إنهم يتوعَّدونك، فغزاهم فوقعت بسبب ذلك جملة حوادث تسلسلت إلى يوم أوارة. وكان عمرو بن هند كما يقول الأخباريون قد عاقد الحيّ الذي غزاه على أن لا ينازعوا ولا يفاخروا ولا يغزوا، فلما غزا عمرو بن هند اليمامة، ورجع، مرّ بطيء، انتهز زرارة بن عدس -وكان كارهًا لطيء مبغضا لها- هذه الفرصة، وأخذ يحرضه على غزوها، ويشجعه عليه. وما زال به على ذلك، حتى غزاها، بعد أن بلغه هجاء الشعراء الطائيين له، لإصابته بعض النسوة من طيء. فتمكن منها وأخذ جملة أسرى، من بطن "أخزم"، وهم رهط حاتم الطائي٦.

وكانت صلة هذه القبيلة بالفرس حسنة، ولما أراد الملك النعمان الالتجاء إليهم والدخول فيهم ليمنعوه من الفرس، لمصاهرته لهم، وأخذه زوجتين هما فرعة


١ ency., iv, p. ٦٢٣ "رجلة التيس"، البلدان "٤/ ٢٢٨"، البكري "٢/ ٦٤٠" "تحقيق السقا".
٢ الأغاني "١٨/ ١٦٣"، "الخص: قرية قرب القادسية"، البلدان" ٣/ ٤٤٤".
٣ الأغاني "٨/ ٢٣٥، ٢٣٩" "طبعة دار الكتب المصرية".
٤ الأغاني "٨/ ٣٤٥" "طبعة دار الكتب"، "٧/ ١٤٥" "طبعة الساسي".
٥ المصدر نفسه.
٦ الأغاني "١٩/ ١٢٧ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>