ثم إن الأحرار على منازل ودرجات. وهم متفاوتون من حيث الشرف والمال. ويظهر التفاوت بين أهل المدر أكثر مما يظهر بين أهل الوبر، لأن الأعرابي فخور بنفسه، يرى أنه "شريف" مثل غيره نبيل وإن قل ماله وشح. ثم إن التفاوت بين الطبقات لا يمكن أن يظهر في البادية ظهوره بين الضواحي والقرى، لأن طبيعة البادية لا تساعد على ظهور ذلك التباين، حتى إن عبيد الأعراب لم يكونوا يكوّنون طبقة خاصة مضطهدة، ينظر إليها نظرة أهل القرى بازدراء، بل كانوا يعدون في البادية كأعضاء من أعضاء الأسرة١.
والتباين الطبقي هو على أوضح ما يكون في اليمن، لأن الطبيعة قد حبت أرض اليمن خيرات وجوًّا لم تحب المناطق الأخرى من جزيرة العرب مثلها، فكانت نتيجة ذلك ظهور الإقطاع فيها، واشتدت الحاجة إلى شراء الرقيق واستجلابه لاستغلال التربة واستثمار خيرات الأرض وتشغيله في المهن الوضيعة، وظهر في اليمن أغنياء ومتوسطو حال وفقراء معدمون، أي طبقات اجتماعية كونت ذلك المجتمع بشكل واضح لا نراه في المجتمعات العربية الأخرى، أشير إليهم في الكتابات.