للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقيصة. وذكر أن "العقيصة" الذؤابة. وذكر بعض علماء اللغة أن كل عقيصة غديرة، والغديرتان الذؤابتان تسقطان على الصدر. وقيل الغدائر للنساء، وهي المضفورة. والضفائر الرجال١. وقيل العقص الفتل، أي فتل الشعر، وهو أن يلوي الشعر حتى يبقى ليُّه ثم يرسل. وذكر بعض علماء اللغة أن العقص أن تأخذ المرأة كل خصلة من شعر فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم ترسلها، فكل خصلة عقيصة. وقد عرف "ضمام بن ثعلبة" أحد بني سعد بن بكر ب "ذي العقيصتين"، وكان أشعر ذا غديرتين. وكان خصل شعره عقيصتين وأرخاهما من جانبيه. وهو من الصحابة٢.

ويعد شعر المرأة من أثمن الأشياء عندها لذلك تستعز به وتحافظ عليه، وتسعى لإثارته وتنشيطه، وهي لا تحلقه إلا إذا نزلت بها نازلة، مثل موت زوجها أو عزيز آخر عليها، ويعد ذلك غاية في التضحية وفي إظهار حزنها على رجلها الراحل العزيز٣. فإذا مات عزيز حلقت المرأة شعرها وذَرَّت التراب أو الرماد على رأسها، إظهارًا لشدة ألمها وحزنها على ميتها. ويقال لها "الحالقة". وقد لعن الرسول من النساء الحالقة والصالقة والخارقة. والحالقة التي تحلق شعرها في المصيبة٤. وقد ضرب بها المثل في الشؤم. لأن من عادة الناس في الجاهلية أنهم إذا أصيبوا بمصيبة حلقت النساء شعورهن. وإلى ذاك أشير في شعر الخنساء:

ولكني رأيت الصبر خيرا ... من النعلين والرأس الحليق

وأصل ذلك أن المرأة كانت إذا أصيب لها كريم حلقت رأسها وأخذت نعلين تضرب بهما رأسها وتعفره. وفي هذا المعنى جاء في الشعر:

ألا قومي أولو عقرى وحلقى ... لما لاقت سلامان بن غنم

ولهذا السبب اعتبرت الحالقة علامة من علامات الشؤم ونذيرًا من نذر الفرقة


١ قال امرؤ القيس:
غدائره مستشرزرات إلى العلى ... نضل العقاص في مثنى ومرسل
تاج العروس "٣/ ٤٤١"، "غدر".
٢ تاج العروس "٤/ ٤٠٨"، "عقص".
٣ Hastings, A Dictionary of the Bible, II, P. ٢٨٣.
٤ تاج العروس "٦/ ٣٢٠"، "حلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>