للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثرة الإخوة عزة، فمن كثرت إخوته استظهر بهم. فلا يتمكن أحد من النيل منه بسوء، ولا من ابتزاز حق من حقوقه، ولا من الاعتداء عليه١.

وحظ الرجل العقيم خير من حظ المرأة العاقر. فهو يتزوج عدة زوجات فإن لم يلدن منه، آمن عندئذ بعقمه. أما المرأة، فتبقى قانعة راضية في بيت الزوجية، إن أراد زوجها ذلك، لأن من الصعب عليها الحصول على زوج آخر إن طلقت، إذ كان الرجال يفضلون الأبكار على المطلقات، وإذا طلقت المرأة العاقر، بقيت بين أهلها من غير زواج في الغالب.

ويرغب العرب في التزوج بالأبكار، ويفضلون الأبكار الصغار على الأبكار الكبار، والبكارة من الشروط التي يجب توافرها في الزواج، وإذا تبين أن البنت ليست بكرًا، عُدّ ذلك نكبة٢ وعير أهلها بها، ولذلك يكون مصيرها القتل تخلصًا من عارها. أما الزواج بالثيب، فلا يشترط فيه البكارة لأن المرأة كانت قد تزوجت من قبل، ثم طلقها زوجها أو مات عنها، فهي مما لا يتوافر فيها شروط البكارة، وهو زواج يعزف عنه الشباب ويعير به من يقدم عليه، إذ يتهم بالوهن الجنسي وبالطمع في مال الزوجة، فليس يجمل بالشاب أن يتزوج امرأة أعطت بكارتها غيره. ومن صارت ثيبًا من النساء، صار نصيبها الثيب من الرجال في الغالب، وإن كانت لا تزال شابة صغيرة السن.

ويكره العرب الجمال البارع، لما يحدث عنه من شدة الإدلال، ومن الخوف من محنة الرغبة وبلوى المنازعة وشدة الصبوة وسوء عواقب الفتنة، لكنهم كانوا يراعون حسن الصورة وجمال الجسم وتناسق أعضائه. ولهم صفات ونعوت ذكروا أنها تمثل جمال المرأة، تختلف باختلاف الأذواق٣، كما أن لهم رأيًا في محاسن أخلاق المرأة وفي الخصال التي يجب أن تتحلى بها في معاشرة زوجها وفي العناية ببيتها وفي تربية أولادها٤. من ذلك أن تكون حريصة على إرضاء زوجها وخدمة أولادها والعناية ببيتها.


١ الثعالبي، ثمار "١٤٣".
٢ تاج العروس "٣/ ٥٦ وما بعدها"، "بكر".
٣ بلوغ الأرب "٢/ ١٣ وما بعدها".
٤ بلوغ الأرب "٢/ ١٤ وما بعدها"، عيون الأخبار "٤/ ١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>