للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزفاف وب "الزفة" ويزف "العروس" إلى بيته أيضًا، فقد كان من عادة ذوي القرابة والأصدقاء إقامة وليمة له، إذا انتهت رافق المدعوون العريس إلى بيته في موكب يغنى فيه ويضرب بالدفوف. وقد يبقى المدعوون إلى الصباح؛ حيث يحيون ليلتهم، وهي ليلة العرس، بالشرب والغناء واللعب.

وتخلّق العروس بالعبير وبأنواع الطيب بحسب سعة حالها وأحوال أهلها المعاشية. وذكر أن "العبير" الزعفران وحده عند أهل الجاهلية. وذكر أنه أخلاط من الطيب يجمع بالزعفران، وورد أن العبير غير الزعفران. وقد اشتهر رداء العروس بطيب رائحته، لما فيه من العبير. قال الأعشى:

وتبرد برد رداء العرو ... س في الصيف رقرقت فيه العبيرا١

وتزف العروس إلى زوجها ليلا: تزف على قدر حال العروسين، وقد تزف في النهار، ويرافق العروس "موكب" موكب من نساء ورجال على الإبل المزينة يسير والنيران بين يدي العروس. وقد توضع الأنماط على هودج العروس وفي بيتها. وقد منع استعمال النيران في الإسلام؛ لما في ذلك من التشبه بالمشركين، كما نهي عن استعمال أنماط الحرير٢.

وقد تزف العروس في محفة يقال لها "المزفة"، ومعها أصحاب "الزفة". وذكر أن "الزفة"، الزمرة. ومنه الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم، قال لبلال حين صنع طعاما في تزويج فاطمة، رضي الله عنها: "أدخل الناس عليّ زفةً زفةً" أي: فوجًا بعد فوج؛ وطائفة بعد طائفة٣.

وفي المثل: "لا عطر بعد عروس" أول من قال ذلك امرأة اسمها: أسماء بنت عبد الله العذرية، واسم زوجها -وكان من بني عمها- "عروس". ثم مات عنها، فتزوجها رجل من قومها أعسر أبخر بخيل دميم، يقال له "نوفل". فلما أراد أن يظعن بها، قالت: لو أذنت لي، رثيت ابن عمّي، وبكيت عند رمسه؟ فقال: افعلي. فقالت: أبكيك يا عرس الأعراس،


١ تاج العروس "٣/ ٣٧٧"، "عبر"، اللسان "٤/ ٥٣١"، "عبر".
٢ عمدة القارئ "٢٠/ ١٤٨، ١٥٨".
٣ تاج العروس "٦/ ١٢٨ وما بعدها"، "زفف".

<<  <  ج: ص:  >  >>