نحو ما كان يفعله أهل مكة بالنسبة إلى المستهترين من شبابهم، ليكون التعميم أحد الحواجز التي تحول دون سقوط عين المرأة على الشاب الجميل أو الرجل الجميل. أو أنهم فعلوه هم، على أنه "موضة" وزِيّ من أزياء الشباب. ومن الرجال الذين ذكر "ابن حبيب" أنهم تعمموا مخافة النساء ولم يكونوا من أهل مكة، "امرؤ القيس بن حجر الكندي"، "قيس بن الخطيم" الأوسي، و "ذو الكلاع الحميري"، و "زيد الخيل بن مهلهل الطائي". ولم يذكر السبب في إقحام مثل هذه الأسماء في موضع التعمم بمكة. هل ذكرهم بمعنى أنهم كانوا إذا قدموا مكة تعمموا، خشية الوقوع في هوى النساء، فيجلب عليهم صداعًا وصدامًا مع أهل أولئك النسوة، أو أنه ذكرهم بمعنى أنهم كانوا يتعممون مثل أهل مكة حذر الوقوع في الحب، فدرج أسماءهم في هذا الموضع لهذه المناسبة.
وقد ذكر "ابن حبيب" أن "الحضر"، وهو أحد من كان يتعمم مخافة الوقوع في حب النساء، لم يكتف بالتعمم، بل تبرقع أيضًا١. ولعله فعل ذلك بتأثير ديني. أخذ ذلك عن الرهبان والمتزمتين بدينهم من أهل الجاهلية الذين حجبوا أنفسهم عن الناس وآووا إلى الغار أو قمم الجبال للتبصر والتأمل والابتعاد عن الملأ، ولا سيما عن النساء.