للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحمي المدن حصون وقلاع، وقد تقام الأسوار على مسافة من المدينة لتشغل العدو وتمنعه من الدنو منها، ثم لتحمي مزارع المدينة وأموالها، وتكون أبنيتها حصينة ذات جدر سميكة فيها منافذ ترمي منها السهام، وفي أعلاها أبراج يرمي منها الرماة الحجارة والسهام على المهاجمين. كما تبنى في المدن نفسها خلف الأسوار، لحماية داخل المدينة من العدو عند تغلبه على الحصون والقلاع الخارجية، وأسوار المدن. وبيوت الملوك والأشراف وسادات المدينة، قلاع وحصون في حدّ ذاتها، فيها كل وسائل المقاومة والدفاع ومخازن لحفظ مواد الإعاشة، وآبار.

ويكاد يكون لكل مدينة من المدن حصن يقيها ويحميها، وقد اشتهرت وعرفت به. فاحتمت "ظفار" مثلًا بحصنها "ذو ريدان"، وأقيمت "شبام سخيم" عند حصن "عر ذو مرمر"، و"شبام أقيان" عند "الوة" "كوكبان"، و"بيحان" عند "ذي ريدان"، و"برج أتوت" على "ميفع ظبيان"، وأنشئت "غيمان" على تلّ مرتفع يحمي المدينة من المهاجمين. وأقيم "ذو معاهر" ليحمي مدينة "وعلان" بـ "ردمان"١.

ويظهر من كتابات المسند ومن الآثار أن بعض مدن اليمن كانت مسورة، يحيط بها سور للدفاع عنها. ويقال لمثل هذه المدن "هجرن" في العربيات الجنوبية، أي "المدن". مثل "هجرن قرنو"٢، بمعنى المدينة "قرنو" وهي عاصمة معين. وهو "هجرن مرب"، أي المدينة مأرب، و"هجرن نجرن" أي المدينة نجران، المدينة الشهيرة عاصمة مخلاف نجران والتي لا يزال اسمها حيًّا معروفًا في العربية السعودية في هذا اليوم.

وتختلف أطوال أسوار المدن وارتفاعها بحسب حجم المدن وبحسب مواقعها.

فالمدن الكبيرة تكون أسوارها طويلة يتناسب طولها مع سعتها. والمدن التي تبنى فوق الجبال والهضاب والمحلات الحصينة تكون أسوارها أقل ارتفاعًا من أسوار المدن المبنية في السهول. وقد وجد سور مدينة "قرنو" مستطيلًا، وطوله زهاء أربع مئة متر، وعرضه زهاء خمسين ومائتي متر، وعلى كل زاوية من زوايا هذا المستطيل الأربع برج لمراقبة الأعداء ولرميهم بالحجارة والسهام وبوسائل الدفاع


١ Araien, S. ٢٧٥
٢ REP. EPIGR, Tome V, p. ١٢٤, NR. ٢٧٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>