للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في القرآن في قوله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ} ١. "وقيل: المراد امرأة معينة من قريش: ريطة بنت سعد بن تيم. وكانت خرقاء. اتخذت مغزلًا قدر ذراع وصنارة مثل أصبع. وهي الحديدة في رأس المغزل وفلكه عظيمة على قدرها. وكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن"٢. وذكر أن تلك المرأة هي: "ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة"، وكانت امرأة حمقاء بمكة، وكانت تفعل ذلك٣. والظاهر أن أهل مكة كانوا يتندرون بذكر حمقها، فضرب القرآن بها المثل لتذكير قريش قومها بها، لئلا يكونوا مثلها في الحمق.

وعرف الجاهليون لونًا آخر من ألوان الترويح عن النفس والترفيه عنها، هو التنزه في البساتين وفي مواطن الكلأ والأماكن الجميلة من البادية في أيام الربيع حيث تكتسي ببسط من الخضرة، وحيث تظهر الأزهار البرية، ذات الروائح الزكية.

فكان ملوك وأهل الحيرة يقضون أيامًا في المتنزهات القريبة منهم وفي مواطن في البادية يروحون عن أنفسهن ويتلهون بالصيد. وكان أهل يثرب يخرجون إلى "العقيق" متنزههم للتسلية٤. وهكذا فعل غيرهم من سكان بلاد الشام وجزيرة العرب.

ومن ملوك الحيرة الذين ارتبط اسمهم باسم الأزهار التي تجود بهام البوادي أيام الربيع الملك "النعمان بن المنذر" فقد قيل للشقائق التي تنبتها البادية، مثل أرض النجف، "شقائق النعمان". قيل: إنها دعيت باسمه لأنه جاء إلى موضع وقد اعتم نبته من أصفر وأحمر، وإذا فيه من هذه الشقائق ما راقه ولم ير مثله، فحماها فسميت "شقائق النعمان" بذلك٥.

وكان من عادة أهل مكة الذهاب إلى الطائف في أيام القيظ، للتخلص من حر مكة الشديد، لطيب هواء الطائف واعتداله، ولوجود الماء البارد بها الخارج من العيون والآبار. ولوجود مختلف الأثمار والخضرة بها. وقد كان لأغنياء مكة


١ سورة النحل، ١٦، الآية ٩٢، تفسير الطبري "١٤/ ١١".
٢ تفسير النيسابوري، حاشية على تفسير الطبري "١٤/ ١١٣".
٣ الجامع لأحكام القرآن "١٠/ ١٧١".
٤ الأغاني "٢/ ١٦٧" "طبعة الساسي".
٥ تاج العروس "٦/ ٣٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>