للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتسب إليها والمكان الذي يعش فيه. فللأعراب ألبسة وذوق، ولأهل المدر أذواق وأمزجة في اللباس، تتباين فيما بينها، بتباين المنزلة والمكانة والحرفة. ولذوي اليسار والثراء ألبسة فاخرة، يستوردونها من الخارج في بعض الأحيان، فيها أناقة وفيها تصنع، وهي من المواد الغالية الثمينة في الغالب، لا يتاح لغير الموسرين الحصول عليها. ثم إن بعض الناس يفضلون لونًا يعافه بعض آخر ويتجنبه.

فكان الكاهن لا يلبس المصبغ، والعرف لا يدع تذييل قميصه وسحب ردائه، والحكم لا يفارق الوبر، ولحرائر النساء زيّ، ولكل مملوك زي، يتساوى في ذلك لباس الرأس ولباس البدن١.

وقد كان أثرياء مكة ويثرب والقرى والقبائل يلبسون الملابس الفاخرة المصنوعة من الحرير ودقيق الكتان والخز، وغير ذلك من الثياب الغالية الرقيقة، المستوردة من دور النسيج المعروفة في جزيرة العرب ومن خارجها، ويلبسون النعال الجيدة، مثل النعل الحضرمية المشهورة بمكة، ويتعطرون بعطور غالية ثمينة٢، ويركبون الدواب الحسنة المطهمة مبالغة في التباهي والتظاهر.

وتختلف كسوة الرأس عند العرب باختلاف منزلة الرجل ومكانته ووضعه وحاله.

و"العمامة" هي فخرهم وعزهم وأفخر ملبس يضعونه على رءوسهم. حتى قيل: "عمم الرجل: سوّد؛ لأن تيجان العرب العمائم، فكما قيل في العجم: توج من التاج، قيل في العرب: عمم"، "والعرب تقول للرجل إذا سود: قد عمم، وكانوا إذا سودوا رجلًا عمموه عمامة حمراء"٣. وورد عن عمر قوله: "العمائم تيجان العرب٤". وهي تعد عادة من عادات العرب٥. خاصة العرب أصحاب الجاه والمكانة والنفوذ من حضر وبادية، فإنها تميزهم عن بقية الناس.

وقد جاء في الخبر: "أن العمائم تيجان العرب". "وكان يقال: اختصت


١ بلوغ الأرب "٣/ ٤٠٦ وما بعدها".
٢ طبقات ابن سعد "٣/ ١١٦" "طبعة صادر".
٣ اللسان "١٢/ ٤٢٥" "صادر".
٤ البيان والتبيين "٢/ ٨٨".
٥ بلوغ الأرب "٣/ ٤١٠"، اللسان "١٢/ ٤٢٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>