للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ما أصبنا كل يوم مُذيقة ... وخمس تميرات صغار كنائز

فنحن ملوك الأرض خصبًا ونعمة ... ونحن أسود الغاب عند الهزاهز

وكم متمن عيشنا لا يناله ... ولو ناله أضحى به حق فائز١

وأكل الجراد معروف مشهور عند الأعراب. يأكلونه نيئًا، وقد يطبخونه أو يحمصونه ويلقون عليه شيئًا من الملح. وقد يأكلونه بالتمر. وبغيره، وهو عندهم طعام لذيذ. يذكر بعضهم أن الإنسان قد يصاب بالشري من أكله، وقد يشكو من بطنة قد تصيبه٢.

وغالب أكل الأعراب لحوم الصيد والسويق والألبان. وكانوا لا يعافون شيئًا من المآكل لقلتها عندهم. حتى أنهم كانوا يأكلون كل شيء تقع أيديهم عليه. ولا نجد من كتب أهل الأخبار ما يفيد تحريم العرب لأكل بعض الحيوان. بل نجد أن أغلبهم قد استباحوا أكلها جميعًا. مهما كان ذلك الحيوان صغيرًا أوكبيرًا حسن المنظر أو قبيحه، من ذات الأظلاف أو من غيرها. حيًّا كان أم ميتًا٣.

وذلك لفقرهم ولشدة الجوع عندهم. فلما جاء الإسلام حرم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير والمختنقة وحدد الذبح وما يمكن أكله من الحيوان، بسبب ما كان يصيب الناس من أكل لحومها من أضرار.

وقد أكلوا لحوم الحمر الوحشية والحمر الأهلية، فنهى الإسلام عن أكلها لما في ذلك من ضرر. وتمنى أحد الرجّاز لو اصطاد ضبًّا سحبلًا سمينًا، ليفوز بلحمه من شدة الفاقة والحاجة إلى اللحم٤.

نعم لقد ورد أن بعض القبائل عافت أكل لحوم بعض الحيوانات، أو عابت أكل بعض أجزائها، إلا أن هذا لا يعتبر عامًّا، كما أنه من قبيل العرف والعادة أو مما له علاقة بالعقائد عندهم. فقد ذكر أن قبيلة "جعفي" كانت تحرم أكل "القلب"٥، إلا أن هذا التحريم هو تحريم خاص بهذه القبيلة. أما القبائل الأخرى فقد كانت تأكله ولا تبالي، لأنه غير حرام عندها.


١ رسالة في الحنين إلى الأوطان "٢/ ٣٩٤".
٢ تاج العروس "٢/ ٣١٨ وما بعدها"، "جرد"، "٨/ ٣١١"، "رزم".
٣ بلوغ الأرب "١/ ٣٨٠".
٤ تاج العروس "٧/ ٣٥٢"، "رمل".
٥ نهاية الأرب "١٨/ ٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>