للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمحتاج ومن له منعة في الجسم وضعف شديد في الجيب لإعاشة نفسه وأهله غير اللجوء إلى هذه الطرق في الحصول على لقمة العيش، إن لم يجد له وسيلة كسب أخرى؟

واللص، هو السارق. وذكر أن اللفظة من لغة طيء وبعض الأنصار١.

وتقابل Listis في اليونانية، بمعنى السارق. لذلك ذهب البعض على أنها من هذا الأصل٢.

ونظرًا لتستر اللص في حرفته، وممارسته لها بتكتم وحذر خوفًا من الفضيحة والقبض عليه. مارس عمله بالليل في الغالب، حيث يرقد الناس. مارسه بخفة ومهارة، فكنى عنه بكنى. منها: "ابن الليل" و"ابن الطريق"، لأنه يمارس اللصوصية بالليل وعلى الطرق٣.

ويقال لمن يسرق الدراهم بين أصابعه "القفاف". يقال: "قف الصيرفي قفوفًا"، بمعنى سرق الدراهم بين أصابعه٤. وأظن أن هذا الاستعمال استعمال مولد، ولد في الإسلام.

ويعبر عن السطو والاستيلاء عنوة وعن سرقة أموال الناس، بتعابير أخرى في اللغات العربية الجنوبية، منها "خرط"٥، بمعنى سرق، و"حلص"٦، بمعنى سرق ونهب وسلب، وكل ما يؤخذ حيلة وسرقة.

وتعدّ السرقة عيبًا عند العرب، لأنها تكون دون علم صاحب المسروق وبمغافلته. والمغافلة والاستيلاء على شيء من دون علم صاحبه عيب عندهم، وفيه جبن ونذالة. أما الاستيلاء على شيء عنوة وباستخدام القوة، فلا يعد نقصًا عندهم ولا شيئًا ولا يعد سرقة، لأن السالب قد استعمل حق القوة، فأخذه بيده من صاحب المال المسلوب. فليس في عمله جبن ولا غدر ولا خيانة. ولذلك فرقوا بين لفظة "سرق" وبين الألفاظ الأخرى التي تعني أخذ مال الغير، ولكن من


١ تاج العروس "٤/ ٤٣٢"، "لص".
٢ غرائب اللغة "٢٦٨".
٣ اللسان "بني"، "١٤/ ٩٢".
٤ تاج العروس "٦/ ٢٢٤"، "قف".
٥ South Arabian Inscriptions, P. ٤٣٦
٦ المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>