للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا عجب إن طرب سكانها وتفننوا في غنائهم، وتميزوا به عن بقية الغناء العربي، حتى قيل له: غناء أهل الحيرة، وقد ذكر: أنه بين الهزج والنصب، وهو إلى النصب أقرب، كما كانت لهم لغة امتازت عن لغات العرب الآخرين غنوا بها، فأكسب غناؤهم طابعًا حيريًّا خاصًّا١.

ومن مرادفات الغناء "السمود" بلغة حمير. وقيل السمود اللهو وبصورة خاصة الغناء٢.

وللفقهاء في الإسلام آراء في قراءة القرآن. منهم من جوز قراءته بالألحان، ومنهم من جوز قراءته بالترجيع، وغير ذلك٣. والترجيع ترديد الصوت في الحلق في قراءة أو غناء أو زمر أو غير ذلك مما يترنم به. وقيل: الترجيع هو تقارب ضروب الحركات في الصوت٤.

وأما "العزف"، فالملاهي واللعب بالمعازف، وهي الدفوف وغيرها مما يضرب. والعازف اللاعب بها والمغني. وعزف الدف صوته. والمعزف، ضرب من الطنابير يتخذه أهل اليمن وغيرهم، ويجعل العود معزفًا٥.

ويعبر عن الاستماع إلى الغناء والإنصات لصوت المغني بـ"السماع". ويحدث السماع طربًا في النفس. وقد صار للكلمة معنى خاص في الإسلام، إذ حولت إلى سماع الترانيم الدينية في الغالب، لذلك لم ينظر إليه نظرة الناس إلى الغناء٦.

وتغني أهل الجاهلية في كل المناسبات المبهجة، وضربوا على آلات الطرب.

ومن هذه المناسبات الزواج والعودة من الأسفار، كما كانوا ينذرون أنه إن تحقق مطلب لهم فإنهم يقيمون مجلس طرب يتغنى فيه: كمناسبة شفاء من مرض أو عودة من حرب٧. وكان شبان مكة يذهبون إلى السمر ويلهون بسماع الغناء وبالضرب على الدفوف والاستماع إلى تزمير المزمار٨. كما استعمل الغناء في الغزو، وذلك


١ الأغاني "٢/ ١٢١" "طبعة ساسي".
٢ اللسان "٣/ ٢١٩"، نهاية الأرب "٤/ ١٣٤".
٣ ابن قيم الجوزية "١/ ١٣٤"، "في هديه صلى الله عليه وسلم، في قراءة القرآن"
٤ تاج العروس "٥/ ٣٥١"، "رجع".
٥ اللسان "٩/ ٢٤٤"، المخصص "١٣/ ١٢"، تاج العروس "٦/ ١٩٧"، "عزف".
٦ نهاية الأرب "٤/ ١٦١ وما بعدها".
٧ نهاية الأرب "٤/ ١٤٠ وما بعدها".
٨ نهاية الأرب "٤/ ١٤٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>