للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفكرية واقتصادية واجتماعية بينها، وبوجود إخوة في العقيدة والرأي. على نحو ما نفهمه من آية الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ١. وذلك كما سبق أن تحدثت عن ذلك قبل قليل.

وترد لفظة "عم" بمعنى شعب في الكتابات النبطية، وترد بهذا المعنى في لهجات عربية أخرى٢. وقد نعت ملوك النبط أنفسهم بـ"رحم عمه" "راحم عمه"، أي "رحيم شعبه" أو "راحم شعبه"، بمعنى أنه محب لشعبه رحيم به٣. وأن ملوك النبط رحماء بشعبهم محبون له.

والذي يجمع شمل الدولة ويقويها ويأخذ بها إلى الحكم ثلاثة أركان: إله أو آلهة، يدافع أو تدافع عن الحاكم وعن رعيته، وحاكم قد يكون "كاهنًا" وقد يكون ملكًا، وقد يكون أميرًا، وقد يكون سيد قبيلة، واجبه حكم رعيته وإرشادهم وقيادتهم في السلم والحرب، ثم رعية طيعة طائعة تدين بالولاء للآلهة وللحكام، ليس لها الاعتراض على "حق الحكم"، لأنه حق إلهي مقرر، ولا اعتراض على قدر الآلهة ومقدراتها: ومن يخالف أوامر السلطان، كان كمن يخالف أمر ربه، عاصيًا خارجًا عن سواء السبيل، فيجب تأديبه، ولو بالقتل، لأن جزاء من يخرج على أمر الآلهة القتل.

ومن سيماء الإخلاص للدولة ذكر أسماء الآلهة التي يتعبد لها الحكام، أي: آلهة الشعب الحاكم، تيمنًا بها، وتقربًا إليها، وذكر أسماء الحكام في الكتابات في المناسبات تعبيرًا عن ولاء صاحب الكتابة وإخلاصه للحاكم. وذكر اسم القبيلة الحاكمة مع اسم القبيلة التي ينتمي إليها صاحب الكتابة، ليكون ذكرها تعبيرًا عن الاعتراف بسيادتها عليه وعلى قبيلته.


١ الحجرات، الآية ١٠.
٢ GIS, II, ١٩٧, ٥, Huber ٢٩, Euting ٢
٣ GIS, II, ١٩٧. ٥. Huber ٢٩, Euting ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>