للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرض "ربيت المال" ورقبتها بيد "سلطان العوالق"١.

وبالإضافة إلى الأرضين المفتوحة عنوة، ضم ملوك سبأ إلى أملاك الدولة أرضين اشتروها شراءً، واشتروا كل ما كان عليها من ناس وحيوان وزرع. فقد كان المشتغلون بالأرض يعدون تابعين لها فيباعون معها وهم ملك لها. وهم طبقة خاصة من طبقات عبيد الأرض.

ولم تتحدث الكتابات عن حقوق الملك وعن مدى صلاحياته في الحكم، ولكننا نستطيع أن نقول قولًا عامًّا إن سلطات الملك كانت كسلطات الملوك الآخرين في الأقطار الأخرى، تتوقف على شخصية الملك وسلطانه وقدرته، فهو ملك ذو سلطان واسع مطلق، أوامره قوانين، وإرادته مطاعة، يحد سلطانه المتنفذين ويخضعهم لحكمه إن كان الملك صاحب شخصية قوية وعزم، وهو مغلوب على أمره يحكم اسمًا إن كان ضعيفًا خائر العزم، وتحكم المملكة العناصر القوية صاحبة السلطان من أبناء الأسرة المالكة، أو من سادات القبائل أو رجال الدين، فعلى هذه الأحوال إذن كانت تتوقف سلطات الملك وأعماله في المملكة.

وللملوك حق يسمى "حق الإحماء". فإذا أعجب الملك بأرض أو بعشب، أعلن حمايته لتلك الأرض، أو لذلك العشب، فلا يسمح عندئذ لأحد بدخول "الحمى" أي: المكان المحمي دون إذن الملك أو الشخص المخول من الملك بهذا الحق. ويدخل في هذا الحق حق حماية الحيوان أو النبات. وكان ملوك الحيرة يحمون الأرضين والحيوانات، كالإبل والخيل والكباش، فتكون لهم، لا يسمحون لغيرهم بالانتفاع منها. ولما وثب "علباء بن أرقم اليشكري" على كبش للنعمان ابن المنذر، كان من أحماه، أي جعله حمى، فذبحه، حمل إلى النعما، فاعتذر إليه وعفا عنه٢.

وكان "النعمان بن المنذر" يحمي مواضع عديدة قرب الحيرة وعلى مبعدة منها. ترعى فيها إبله وبهائمه، منها أرض "سحيل". أرض بين الكوفة والشأم٣.


١ Beitrage, S. ٥٦
٢ معجم الشعراء "٣٠٤".
٣ تاج العروس "٧/ ٣٧٣"، "سحل".

<<  <  ج: ص:  >  >>