للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشير إليها في كتب الرسول، إذ ذكر أنه أخفر "سعير بن العداء الفريعي" أحد المواضع١.

ويظهر من أخبار أهل الأخبار أن ملوك الحيرة، كانوا قد اتخذوا لهم أمناء، فقد لقب "هانئ بن قبيصة" بـ"أمين النعمان بن المنذر"٢. و"الأمين" المؤتمن الحافظ، فلعلهم قصدوا أنه كان المؤتمن على أسراره والمستشار له، يستشيره في مسائله والحافظ لها، أو أنه كان الأمين على أمواله وما يأتيه من جباية وخراج، أو الكاتم لأسراره والمدون لرسائله، فهو كاتب الدولة في ذلك العهد.

وعرف "قبيصة بن مسعود" بـ"وافد المنذر"٣. ويظهر أن المنذر كان يكلفه بالوفادات، أي: بالذهاب موفدًا عنه في مهمات وأعمال يحتاج قضاؤها إلى ذهاب موفد ليتكلم عن الملك وباسمه و"الوافد" هو السابق والإرسال، ويقال: هم على أوفاد أي: على سفر. وقد يقال: إن "قبيصة" إنما عرف بـ"وافد المنذر"، لأنه كان ممن يكثر الوفادة عليه، فيجد له ترحيبًا وأبوابًا مفتوحة، فعرف بذلك. فيكون بهذا المعنى من الرجال المقربين إلى الملك. ولا علاقة له بمهمة الإيفاد إلى الملوك وسادات القبائل بمهمات سياسية، أي: بمهمة رسول وسفير.

وقد استعمل عرب العراق الألفاظ الفارسية المستعملة في إدارة الحكومة الساسانية لأنها هي المصطلحات الرسمية والألقاب التي يحملها الموظفون وتشير إلى منازلهم ودرجاتهم، ومنها درجة "قهرمان" "القهرمان". والكلمة فارسية، وقد دخلت العربية وعربت. ذكر علماء اللغة أنها تعني المسيطر الحفيظ على من تحت يديه والقائم بأمور الرجل ومن أمناء الملك وخاصيته. وفي الحديث: كتب إلى قهرمانه٤.

وقد ورد أن "علي بن أبي طالب" قال لدهقان من أهل "عين التمر"، وكان قد أسلم: "أما جزية رأسك فسنرفعها، وأما أرضك فللمسلمين. فإن شئت فرضنا لك، وإن شئت جعلناك قهرمانًا لنا"٥.

و"دهقان" من الألفاظ التي عرفها عرب العراق كذلك. وذكر بعض علماء


١ الإصابة "٢/ ٥١"، "رقم٣٢٠٠".
٢ العمدة، لابن رشيق "٢/ ٢٢١"، "مفاخرة عند معاوية بين عامري وشيباني".
٣ العمدة، لابن رشيق "٢/ ٢٢٢".
٤ اللسان "١٢/ ٤٩٦"، "صادر"، "قهرم".
٥ الجزية والإسلام، تأليف دانيل دينيت تعريب الدكتور فوزي فهيم جاد الله "ص٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>