للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحاربين حين الطلب، فأثر كل ذلك في الوضع الاقتصادي، وفي المجتمع العام تأثيرًا كبيرًا، ونهك السواد الأعظم من الناس، مما جعلهم يتذمرون من الحكام والحكومة والسادات، ولا يؤدون ما عليهم من واجبات وخدمات عامة إلا مكرهين.

ولعل هذا الإرهاق الذي نزل بالرعية في دفع الضرائب، هو الذي حملها على إطلاق "الآكل" و"الآكال" و"آكال الملوك" و"مآكل الملوك" على ما يجعله الملوك مأكلة لهم؛ لأنهم جعلوا أموال الرعية لهم مأكلة، وأما "المأكول"، فهو الرعية، لأن الملوك تأكل أموالهم١، فالملوك تأخذ ولا تعطي، والرعية تعطي ولا تأخذ ولا تستفيد مما تدفعه لملوكها من ضرائب أية فائدة.

والضريبة في تعريف علماء اللغة: ما تؤخذ في الأرصاد والجزية ونحوها، مثل ما يؤديه العبد إلى سيده من الخراج المقرر عليه، ومن الضرائب: ضرائب الأرضين وهي ضرائب الخراج عليها، وضرائب الإتاوة التي تؤخذ من الناس٢.

وعرف علماء اللغة الإتاوة: أنها الرشوة والخراج، وقال بعضهم: كل ما أخذ بكره، أو قسم على موضع الجباية وغيرها، فهو إتاوة. وفي ذلك قال "حُنَيّ بن جابر التغلبي":

ففي كل أسواق العراق إتاوةٌ ... وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم٣

وذكر "ابن فارس" أن "الإتاوة" من الألفاظ التي زالت بزوال معانيها، فهجرت لذلك٤.

ويقال للإتاوة: الأريان. والأريان بمعنى: الخراج أيضًا٥. وقد ذكرت اللفظة في شعر "الحيقطان"، شاعر اليمانية، وكان قد قال قصيدة يرد فيها على الشاعر "جرير"، فهجا بها قريشًا، وكان مما قال فيها:

وقلتم لقاح لا نؤدي إتاوة ... فأعطاه أريان من الفرّ أيسر٦


١ اللسان "١١/ ٢١"، "صادر"، "آكل"
٢ اللسان "١/ ٥٥٠"، "ضرب"، تاج العروس "١/ ٣٤٩"، "ضرب".
٣ اللسان "١٤/ ١٧"، "اتي".
٤ الصاحبي "ص٩٠".
٥ اللسان "١٤/ ٣١"، "أري".
٦ فخر السودان من رسائل الجاحظ "١/ ١٨٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>