للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعب أكثريته مستقرة، من السهل عليهم التدخل في شئون تلك القبائل بتأييد هذا الرئيس على منافسه، وبتعيين رئيس من رؤساء القبائل الكبيرة على قبيلة أو جملة قبائل أخرى ضعيفة أو متخاصمة، لتهيئة الحال وإقرار الأمن. فصار من العادة بين القبائل العدنانية، بل بين القبائل القحطانية كذلك، أو بين كبار سادات القبائل، أن يلجئوا إلى التبابعة للتدخل في الخصومات وإقرار الأمن بالحكم بين المتخاصمين، أو بتعيين رجل محترم كبير من اليمن أو من غير اليمن عليهم. ونجد بين روايات الأخباريين روايات تؤيد هذا الرأي.

ويدخل الأخباريون في أيام العدنانيين مع القحطانيين الأيام التي وقعت بين القبائل العدنانية وبين ملوك الحيرة لاعتدادهم من قحطان. وكذلك يدخل أهل الأخبار في أيام القحطانية مع العدنانية الأيام التي وقعت بين ملوك بني سليح والغساسنة من بعدهم وبين القبائل العدنانية، والأيام التي وقعت بين كندة وبين القبائل العدنانية.

وإذ أسلفت الكلام على أيام تلك الحكومات مع القبائل العدنانية في المواضع المناسبة، فإني أكتفي بالإشارة إليها، على أمل الرجوع إلى تلك الأماكن لمن يريد الوقوف عليها.

أما أشهر أيام القحطانيين، فالأيام التي وقعت بين المناذرة والغساسنة، والأيام التي وقعت بين هؤلاء الملوك وملوك كندة وأمرائها. ثم الأيام التي وقعت بين القبائل المنتسبة إلى اليمن، مثل الأيام التي وقعت بين الأوس والخزرج، والأيام التي وقعت بين قبائل طيء، وأمثال ذلك. ولما كنت قد تحدثت عن معظم هذه الأيام، فسأكتفي بما تحدثت عنها، وأتحدث عن النابه من بقية الأيام فقط مما لم أتحدث عنه سابقًا.

وتؤلف الأيام التي وقعت بين القبائل العدنانية الجزء الأكبر من أيام العرب، وهي أهمها وأغناها بالشعر والأمثال والقصص. وكان لتميم وبكر وتغلب أثر خطير فيها. وأشهر هذه الحروب، الحرب المسماة بحرب البسوس، وقعت بين بكر وتغلب ودامت أربعين عامًا على ما يذكره الأخباريون.

وتغلب وبكر هما من قبائل ربيعة، لذلك تكون حرب البسوس من الحروب التي وقعت بين قبائل ربيعة؛ لأن أيام العدنانيين هي أيام وقعت بين قبائل ربيعة وحدها، وأيام وقعت بين قبائل من ربيعة وقبائل من مضر، وأيام وقعت بين

<<  <  ج: ص:  >  >>