للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أية هزيمة بالمعنى المفهوم، إنما ينسحب أحد الطرفين ويتراجع إلى مكانه فتنتهي بذلك تلك الحرب.

وإذا برز المبارز، فيعلم على رأسه في الغالب، بأن يلبس سامة خاصة أو عصابة أو يضع ريشة يتباهى بها، وقد يستعملون الخوذ، إلا أنها كانت قليلة الاستعمال لدى الأعراب، لغلاء ثمنها عندهم. وقد كان "أبو دجانة" يختال عند الحرب إذا كانت، وكان إذا أعلم رأسه بعصابة له حمراء، علم الناس أنه سيقاتل١.

ويقسم المحاربون قواتهم إلى مجنبة وقلب: مجنبة يمنى تهاجم أو تحمي الجانب الأيمن، ومجنبة يسرى تحارب وتدافع عن الجانب الأيسر من المحاربين. أما القلب، فيكون واجبه الهجوم أو الدفاع من الوسط، أي: وسط الجيش. وقد تقوم المجنبتان بالهجوم لتطويق العدو وحصره في دائرة، تضيق عليه. وفي معركة "يوم نخلة" من أيام الفجار، كان حرب بن أمية في القلب، وعبد الله بن جدعان وهشام بن المغيرة في المجنبتين٢.

وتوضع أمام الجيش أو المحاربين مقدمة، تتقدم المقاتلين، يكون واجبها حماية القسم الأكبر من الجيش الذي يكون وراءها، وإرسال المعلومات عن العدو وإشغاله بالقتال إن وقع حتى يأتي المحاربون. ويقال للمقدمة: "مقدمت"، أي: "مقدمة" في السبئية٣. وللذي يتولى أمرها ويقودها: "قدم"٤.

ويقال لطليعة الجيش، وهي التي تتقدم الجيش، للقاء العدو وللوقوف على أمره وخبره "نذيرة الجيش"٥.

ولما ندب رسول الله المسلمين لفتح مكة، قسم الجيش إلى مجنبتين، وهما: الميمنة والميسرة، والقلب بينهما. وكان ترتيب الجيش إذ ذاك على خمس فرق: المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة. ولهذا كان يسمى خميسًا. وجعل رسول


١ الأغاني "١٤/ ١٦".
٢ الأغاني "١٩/ ٧٤ ومابعدها"، قال عمرو بن كلثوم:
وكنا الأيمنين إذا التقينا ... وكان الأيسرون بنو أبينا
المعلقة
٣ Jamme ٥٧٦, ٦٦٥, Mahram, P.٤٤٠.
٤ Jamme ٦٨١, ٨١٦, Mahram, P.٤٤٧.
٥ اللسان "٥/ ٢٠١".

<<  <  ج: ص:  >  >>