بها كما يشاء. ومن حقه الاتصال بها دون حاجة إلى عقد زواج؛ لأنها ملك، والمالك يتصرف بملكه على نحو ما يحب.
ويعبر عن "الحر" بـ"حرم", أي:"حرٌّ" في اللهجات العربية الجنوبية، أما الرقيق، فقد عبر عنهم بـ"ادم"، أو "اوادم" بالمصطلح العراقي، وبـ"عبدم"، أي:"عبد". ويقال للعبدة "امت"، أي:"أمة". فالأمة هي الأنثى المملوكة في تلك اللهجات١.
وقد أشير إلى هذا التقسيم الطبقي في النصوص التشريعية التي أصدرها حكام العربية الجنوبية، وذلك بأن نص فيها على أن تلك الأحكام تطبق على الأحرار وعلى العبيد، أو على الأحرار دون العبيد، أو على العبيد دون الأحرار، والنص على ذلك فيها أمر ضروري لتوضيح الحقوق والالتزامات بالنسبة إلى مجتمع ذلك الوقت، ولتعرف بذلك الواجبات المفروضة على كل فرد من أفراده.
والعبودية حسب القوانين وراثية، فابن العبد عبد، وابنة العبدة عبدة، وهكذا تنتقل العبودية بالوراثة في الأجيال دون انقطاع، ولن يقطعها ويقضي عليها إلا تنازل مالك العبد عن عبده وعمن يتبعه من نسله تنازلًا شرعيًّا بإعلان يعلن عن ذلك, وبكتاب يكتب في بعض الأحيان. وسبب ذلك أن العبد ملك يمين، وملك اليمين مثل كل ملك. والملك حق مقدس للفرد لا يجوز الاعتداء عليه.
والحر قد يصير عبدًا، ولو ولد حر الرقبة. فإذا أفلس رجل، ولم يتمكن من الوفاء بما عليه من دين عليه تأديته لدائنيه، وإذا وقع في سباء أو أسر، صار عبدًا. إلا إذا قبل الدائن إعفاءه من ديونه، أو منَّ آسره عليه، فردّه إلى أهله أو دفع فدية عن نفسه، كما سأتحدث عن ذلك فيما بعد.
وأخذ التشريع الجاهلي بمبدأ أن ما يطبق على أفراد القبيلة من قوانين وأحكام يكون خاصًّا بالقبيلة. أما ما يطبق على الأشخاص الذين يكونون من قبيلتين مختلفتين أو من قبائل عديدة فإنه يكون خاضعًا للعرف المقرر بين القبائل، فهو قريب مما يسمى بالقوانين الدولية في الزمن الحاضر. أما القوانين التي تطبق في القبيلة، فإنها تشبه قوانين الدولة الواحدة. فالشخص إذا ما ارتكب عملًا مخالفًا داخل حدود قبيلته, أي: مع أفراد القبيلة، عومل وفق أحكام القبيلة. أما إذا ارتكبها مع شخص من قبيلة أخرى، عومل وفق العرف القبلي، لا وفق عرف القبيلة.