للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشترى هو من أماكن بعيدة ومن غير العرب، كان مضطرًّا إلى استرضاء سيده وخدمته على النحو الذي يرضيه إبقاء على حياته. وحكم هذا الرقيق هو حكم أي شيء يشتريه إنسان بماله, أي: إنه ملك صاحبه، ولصاحبه حق التصرف به كيف يشاء، إن شاء باعه وإن شاء جعله في خدمته، وليس للرقيق أي حق في الاعتراض وإن كان بشرًا ذلك لأنه رقيق. وقوانين الرق في ذلك الزمن وفي سائر أنحاء العالم تعد الرقيق ملكًا لا يختلف في طبيعته عن أي نوع من أنواع الملكية.

ونوع آخر من أنواع الرقيق، تكوّن من بيع الآباء لأبنائهم عن حاجة, كأن تكون الأسرة في عسر وضيق، فلا يكون أمامها غير بيع أبنائها لسد حاجتهم ولضمان معيشة الأبناء، ولا يكون ذلك بالطبع إلا عند الطبقات الضعيفة.

ومنبع آخر من منابع تكوّن الرقيق في الجاهلية هو الديْن. فقد كان من حق الدائن بيع مدينه إن لم يتمكن من الإيفاء بدينه، فيكون رقيقًا.

والولادة من المنابع التي مونت الجاهليين بالرقيق كذلك. فما ينسله الرقيق يصير رقيقًا أيضًا، وملكًا لمالك الرقيق. إذ لا يقتصر الرق على رقبة الرقيق الأصل، بل يشمل كل ما ينجبه وما ينجبه أحفاده وأحفاد أحفادهم وهكذا فالرق عبودية أبدية، ما لم يمنّ مالك الرقيق على رقيقه بالعتق، فتنقطع العبودية عندئذ عنه وعن نسله. وإذا استولد المالك أمته فولدت له مولودًا، أعجبه واعترف به ولدًا عدّ ابنًا شرعيًّا له، فيكون هذا الاعتراف عتقًا لرقبة ابنه، واستلحاقًا للولد بنسب المالك١.


١ عمدة القارئ "١٢/ ١٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>