للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماعية، ويصبح مزدري في نظر المجموع. وفي هذا الازدراء عقوبة كافية بالطبع.

يضاف إلى ذلك العقوبات التي تنزلها الآلهة عليه، وقد تكون أهم في نظره وأخطر من تلك العقوبات المذكورة، مثل إنزال أمراض أو مهالك به وبأمواله وما يملكه، وهو ما يخشاه الإنسان ويبتعد عنه طبعًا، ولهذا نجده يحاول جهد إمكانه ترضية آلهته. والتقرب إليها بمختلف الوسائل لإرضائها ولكسب عطفها ورضائها عنه.

وأما العقوبات الحكومية، فهي متنوعة كذلك تتنوع بحسب درجة المخالفة ومقدار الضرر الذي يتولد منها.

وتقابل لفظة "عقوبة" لفظة "تنكرم" "تنكر" في بعض لهجات العرب الجنوبية، ويراد بها إنزال ما يستحق من عقوبة بشخص ارتكب عملًا مخالفًا. أما الغرامات، أي: العقوبات المالية التي تفرض على شخص من الأشخاص، فيقال لها: "ظلعم" "ظلع"، في بعض تلك اللهجات١. ووردت لفظة أخرى، هي "من"، ولفظة ثانية هي "ذمنت" "ذ م ن ت"، يرى علماء العربيات الجنوبية أنهما في معنى "عقوبة" و"جزاء"٢.

ويعبر عن الجزاء الذي يحكم الحاكم بأدائه إلى من حكم له بلفظة "خطا" و"خطات" "خطئة" "خطيئة". ويراد بها ما يجب على المحكوم عليه دفعه من غرامات وتعويض. وقد وردت هذه اللفظة في نصوص المسند٣.

والقصاص عند الجاهليين عقوبة قلما طبقت، للأعراف القبلية التي كانت تعتبر تسليم القاتل الحر إلى أهل القتيل لقتله مثلبة، وتسليم مرتكب عمل ما إلى من وقع الفعل عليه، نقيصة وضعفًا وسبّة، تلحق آل مرتكب الفعل. لذلك، كان الثأر، وهو الرادع لارتكاب الجرائم عند الجاهليين.

وإذا قتل حر عبدًا، أو جرحه أو آذاه، فليس لأهل العبد طلب القصاص، وليس لمالكه أن يطلب قتل القاتل به؛ لأنه عبد والقاتل حر. وقد كان من الصعب عليهم، تصور مقاضاة عبد لحر على أساس القصاص، وإنما ينصف على


١ راجع النص الموسوم بـ: Halevy ١٤٧
Rhodokanakis, Stud. Lexi, I, S. ٥٨
٢ Rhodokanakis, Stud. Lexi, I, S. ٥٨
٣ Mahram, P.٤٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>