للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا لا يعني أن القتبانيين أو غيرهم من العرب الجنوبيين، لم يكونوا يفرقون بين القتل العمد والقتل الخطأ، أي: القتل الذي يقع دون عمد ولا تحضير سابق ولا تفكير فيه. فقد كانوا يفرقون بين أنواع القتل ويحاسبون القاتل على هذا الأساس. وقد كانت كل القوانين في ذلك العهد تفرق أيضًا في أنواع القتل، فتجعل القتل الخطأ دون القتل العمد في الدرجة وفي الحكم المترتب عليه.

ويعبر عن القتل في اللحيانية بلفظة "خلس" "خليس" أيضًا. وقد ورد في بعض الكتابات اللحيانية أن فلانًا قتل فلان، وقد حددت بضع الكتابات الوقت الذي تم فيه القتل١. ويعبر عن القتل بلفظة "قتل" كذلك، وعن المقتول بلفظة "همقتل"، أي: القتيل٢.

وعثر على نص قتباني, هو قانون في تحديد عقوبة القتل والقاتل جاء فيه: أي شخص يقتل شخصًا وكان من شعب قتبان أو من قبائل تابعة أو محالفة لها يعاقب بعقوبة القتل، إلا إذا قرر الملك عقوبة أخرى مستمدة من شريعة "تمنع، وعلان، وصيرم"٣. ويقصد بشريعة "تمنع، وعلان، وصيرم" العرف المتبع عند أهل "تمنع", أي: العاصمة, وعند جماعة "وعلان" وعند أهل "صيرم". فللملك أن يعاقب بالعقوبات المقررة عند هؤلاء، إذا لم يقرر الأخذ بمبدأ القصاص.

وقد استثنى القانون المذكور قتلة القتلة الفارين من تطبيق عقوبة القتل أو العقوبات التبعية الأخرى عليهم، إذا كان قتلهم في أثناء فرارهم وعصيانهم حكم الملك، أو حكم من خوله "الملك" تطبيق "العدالة" بين الناس. فإذا فرَّ قاتل، وأبى تطبيق ما صدر من حكم عليه، وقتل وهو في هذه الحالة، لم يحاسب القاتل على قتله له، ولا يعاقب بأية عقوبة من أجل ما قام به من قتله إنسانًا آخر. والظاهر أن المشرع القتباني قد أخذ بالظروف المحلية التي كانت سائدة إذ ذاك، من سهولة هرب القتلة وتهديدهم الأمن والنظام، فلم يعاقب قتلتهم بأية عقوبة، وذلك ليقضي على القتلة العصاة وليخيفهم وليخيف الطائشين من الإقدام


١ راجع النصوص رقم: ٧٩ و٨٠، و٨٦ في كتاب: W. Caskel
٢ راجع النص رقم ٣١ في كتاب: W. Caskel, S. ٩٢
٣ Glaser ١٣٩٧, Se ٨٠, Arabien, S. ١٣٢, Rep. Epigr, ٣٨٧٨, Iv, Ii, P.٣٣٠, Rhodokanakis, Die Inschriften Kohlan, S. ١٤, Glaser ١٣٩٤, ١٤٠١, ١٤١٦, ١٤٠٠, ١٦٠٦, ١٦٠٧, ١٦٠٨, Wzkm, ٣١, ١٩٢٤, ٢٢, Glaser ١٣٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>