للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد في بعض الكتابات اللحيانية أن القتلة دفعوا دية القتلى لأهلهم الشرعيين الذين لهم حق المطالبة بالدم، وقدموا قرابين و"خرجا" خراجًا, أي: مبلغًا إجباريًّا من مواد عينية إلى الآلهة عن ذلك الدم، وقدموا قرابين وضعوها على قبر القتيل. وبهذه الطريقة حسموا دم القتيل١.

ويلاحظ أن اللحيانيين استعملوا مصطلح "خرج", أي: "الخراج" للتعبير عن الجزاء الذي يجب أن يفرض على القاتل ليقدمه جزاء قتله إنسانًا٢.

وقد عرفت "الدية" عند العرب الجنوبيين كذلك، ولم تحدد في القوانين، وإنما ترك أمر مقدارها إلى "الملك" أو إلى الحكام المفوضين، ويضمنهم سادات القبائل والأقيال والأذواء، يأخذونها بحسب العرف المقرر عند القبائل التي يعنيها الأمر وتعطى لأصحاب القتيل الشرعيين.

وورد في نص سبئي قديم يعود عهده إلى أيام "المكربين"، حكم بدفع دية مقدارها "٢٠٠" إلى المعبد، تعويضًا عن دم شخص فقير، لم يعرف قاتله، يدفعها آل القتيل في عشر سنوات. ولم يحدد النص نوع الدية، مع أنه عيّن مقدارها٣.

ويعبر عن الدية بلفظة أخرى هي "الملة"٤ وبـ"العقل"، يقال: "عقل القتيلَ يعقله عقلًا: وداه، وعقل عنه: أدى جنايته، وذلك إذا لزمته دية فأعطاها عنه"٥. سميت الدية عقلًا "لأن الدية كانت عند العرب في الجاهلية إبلًا؛ لأنها كانت أموالهم، فسميت الدية عقلًا؛ لأن القاتل كان يكلف أن يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعقل ويسلمها إلى أوليائه"٦، ويقال للذين يتعاقلون على دفع الدية: "العاقلة". وكان مما جاء في كتب الرسول إلى القبائل: هم على معاقلهم الأولى، أي: الديات التي كانت في الجاهلية يؤدونها كما كانوا


١ W. Caskel, S. ٥١, ١١٧, ١١٩, Jaussen-Savignag, Mission, Ii, ٣٨٩, ٤٠٩, ٤١١, ٤١٩, ٤٤١, Arabien, S. ٥٠
٢ راجع السطر ٣ من النص "٨٢" في كتاب: W. Caskel, S. ١١٧
٣ Glaser ١٢١٠, Rhodokanakis, Alt. Sabaische Texte, Ii, Wzkm, ٣٩, ١٩٣٢, ١٨٦, Arabien, S. ١٣٤
٤ اللسان "١١/ ٦٣٢".
٥ اللسان "١١/ ٤٦٠".
٦ اللسان "١١/ ٤٦١".

<<  <  ج: ص:  >  >>