للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض علماء اللغة إلى أن اللفظة "إيل" من المعربات. عربت عن العبرانية، وهي فيها اسم الله١. وهي من الألفاظ التي ترد في اللغات السامية، ولا يعرف معناها على وجه مضبوط، ويظن أنها بمعنى "القادر" و"العزيز" والقهار، والقوي، والحاكم. وترد في الشعر وفي أسماء الأعلام في الغالب. وقلما نجدها ترد في النثر٢.

وقد وردت في نصوص المسند وفي نصوص أخرى ألفاظ كثيرة مثل "ود" و"سمع" أي "سميع" و"حكم" أي "حكيم"، و"حلم" أي حليم" و"علم" أي "عالم" و"عليم"، و"رحم" أي "رحيم"، و"رحمنن" أي "الرحمن"، وأمثال ذلك. ذكرت على صورة أسماء آلهة. لكنها في الواقع صفاتها لا أسماؤها. ذكرت في مقام ذكر أسماء الآلهة، كما يقول المسلم في دعائه ربه يا سميع ويا حكيم ويا رحيم. وهي صفات وردت في القرآن الكريم.

وعلى من يريد الوقوف على رأي الجاهليين في طبائع آلهتهم وفي تعيين صفاتها، حصر هذه الصفات وضبطها، وتعيين مدلولها، وهي صفات تدل على معانٍ خلقية مجردة. وسنتمكن بذلك من الوقوف على نظرة الجاهليين إلى آلهتهم، ومن تعيين وتثبيت عددها إذ سيظهر لنا من هذه الدراسة أن أكثر تلك الأسماء ليست أسماء آلهة، وإنما هي صفات لها، وأن الكلمات التي لا يشك في كونها أسماء صحيحة قليلة جدًّا، ربما لا يتجاوز عددها الثلاثة، هي الثالوث. ومن يدري؟ فقد تكون في النتيجة اسمًا لإله واحد، وعندئذ يمكن أن نتوصل إلى نتيجة علمية بالقياس إلى عقيدة الشرك أو التوحيد عند العرب الجاهليين.

ويجد الإنسان اليوم سذاجة مضحكة في بعض العقائد الدينية التي كانت عند الشعوب القديمة، ويستصعب تصور اعتقاد الناس بها، وهو ينسى أن هذه العقائد أو بعضها على الأقل، لا تزال معروفة بين بعض قبائل إفريقية وأستراليا وأماكن أخرى في العالم، وأن العقل الإنساني في تطور مستمر، وأن هناك بشرًا يؤمنون بعقائد ورثوها عن آبائهم لا تقل غرابة عن غرابة بعض المعتقدات التي نؤاخذ.


١ تاج العروس "٧/ ٢١٨"، "إيل".
٢ "Hastings p. ٢٩٩ "God.

<<  <  ج: ص:  >  >>