للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان له رئي من الجن، وكان يكنى أبا ثمامة، فقال له: عجل بالمسير والظعن من ثمامة، بالسعد والسلام! قال: جير، ولا إقامة.

قال: ايت ضف جدة، تجد فيها أصنامًا معدة، فأوردها تهامة ولا تهاب، ثم ادع عبادتها قاطبة.

فأتى شط دجلة، فاستشارها، ثم حملها حتى ورد تهامة، وحضر الحج، فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة.

فأجابه عوف بن عذرة بن زيد اللآت بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلون بن عمران بن الحاف بن قضاعة، فدفع إليه ودًّا. فحمله إلى وادي القرى، فأقره بدومة الجندل. وسمى ابنه عبد ود. فهو أول من سُمي به، وهو أول من سُمي عبد ود، ثم سمعة العرب به بعد١.

فهذه الرواية هي على شاكلة الرواية الأولى في منشإ عبادة الأصنام بين العرب قبل الإسلام بحسب رأي الأخباريين بالطبع، سوى اختلافها عنها في المكان الذي أخذت الأصنام منه. فهنا "جدة" على ساحل البحر الأحمر، وهناك البلقاء من أعمال الشأم. والموضعان، وإن كان يختلفان موقعًا، يتفقان في شيء واحد هو وقوعهما على حد مقصود، يرده الأجانب منذ القديم للإتجار. فهل يعني هذا استيراد تلك الأصنام من الخارج، من بلاد الشأم أو من مصر، وأنها كانت من عمل أهل الشأم أو أهل مصر أو من عمل الروم أو الرومان؟ وتذكر رواية أخرى أن "عمرو بن لحي" إنما جاء بالصنم "هبل"، من "هيت" بالعراق حتى وضعه في الكعبة٢.

وعمرو بن لحي هو على اختلاف الروايات أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة وحمى الحامي. فقأ عين عشرين بعيًرا، فصارت العادة أن يفقأ عين الفحل من الإبل إذا بلغت الإبل ألفًا. فإذا بلغت ألفين، فقئت العين الأخرى. وقد نسب إليه كلام طويل. وزُعم له عمر مديد، وقصص أخرجه من عالم الواقع إلى عالم القصص والأساطير، ورجع عصره إلى أيام "العماليق" وإلى أيام "سابور ذي الأكتاف". وذكر أن العرب.


١ الأصنام "ص٥٤ وما بعدها".
٢ الأزرقي "١/ ٧٣ وما بعدها"، الروض الأنف "١/ ٦٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>