للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم اتصال باليمن وباليمامة وبمعظم أنحاء جزيرة العرب. وأرى أن "مسيلمة" كان قد دعا إلى عبادة الرحمن متاثرًا بدعوة المتعبدين له ممن كان قبله على ما يظهر، وهي عبادة إله اسمه "الرحمن" فعرف مسيلمة بـ"الرحمن" وبـ"رحمن اليمامة" وعبادة الرحمن ديانة متأثرة بفكرة التوحيد، وبوجود إله واحد هو "الرحمن" رب العالمين.

وقد أشير إلى موضع اسمه "وادي الرحمن" في الكتاب الذي أعطاه رسول الله لي "يزيد بن المحجل" الحارثي، ورد فيه: "إن لهم غرة ومساقيها ووادي الرحمن من بين غايتها"١. ولا أستبعد احتمال وجود صلة بين هذه التسمية وبين الرحمن الإله.

وقد وصف الرواة "مسيلمة" بأنه "كان قصيًرا شديد الصفرة أخنس الأنف أفطس"٢.

ويظهر من غربلة ما ذكره أهل الأخبار عن "مسيلمة أنه كان أكبر عمرًا من الرسول. وأنه كان قد تكهن وتنبأ باليمامة ووجد له أتباعًا قبل نزول الوحي على النبي. وأن أهل مكة كانوا على علم برسالته. ويذكر أهل الأخبار أن "مسيلمة" كان ابن مائة وخمسين سنة حين قتل٣. وهو عمر قد بولغ فيه ولا شك؛ إذ لا يعقل أن يكون في هذه السن يوم قتل فقد كان فعالًا نشيطًا، نشاطًا لا يمكن أن يظهر إلا من رجل قوي فعال، هو دون المائة.

وكان "مسيلمة" يدعي أن معه رئيًّا في أول زمانه، ولذلك قال الشاعر حين وصفه.

ببيضة قارور وراية شادن ... وخلة جني وتوصيل طائر٤

وكان "مسيلمة" في جملة رجال "وفد حنيفة" الذي قصد الرسول، وفيهم "رحال بن عنفوة" لكنه -كما يقول الرواة- لم يذهب مع الوفد.


١ ابن سعد، طبقات "١/ ٢٦٨" "ذكر بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرسل يكتبه إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام".
٢ البلاذري، فتوح "١٠٠".
٣ الروض الأنف "٢/ ٣٤٠" اليعقوبي "١/ ١٢٠".
٤ الحيوان "٦/ ٢٠٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>