للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أباري"١. ونرى أن هذه النسبة قريبة من الاسم الذي ذكره بطلميوس.... ويدّعي "ياقوت الحموي" أنها مسماه بـ "وبار بن إرم بن سام بن نوح"٢.

وقد روت الكتب العربية قصصًا كثيرة عن "وبار"، ومن جملة الأساطير التي تروى عنها أسطورة "النسناس". وتتلخص في أنهم "من ولد النسناس بن أميم بن عمليق بن يلمع بن لاوذ بن سام"، وأنهم كانوا في الأصل بشرًا, فجعلهم الله نسناسًا, للرجل منهم نصف رأس ونصف وجه وعين واحدة ويد واحدة ورِجْل واحدة، وأنهم صاروا يرعون كما تُرعى البهائم، وأنهم يقفزون قفزًا شديدًا ويعدون عدوًا منكرًا٣. والظاهر أن لهذه القصص والأساطير أصولًا جاهلية، وقد وضع منها في الإسلام شيء كثير، ووضع معها شعر كثير على لسان ذلك "الإنسان الحيوان"، ولا يزال الناس يَرْوُونَها حتى الآن.

وقد أنكر بعض المستشرقين، وجود وبار، وزعموا أنهم من الشعوب التي ابتكر وجودها القصاص قائلين إن تلك الرمال الواسعة المخيفة هي التي أوحت إلى القصاص والأخباريين اختراع شعب "وبار" وقصص النسناس٤. والذي أراه أن هذا لا يمنع من وجود شعب بهذا الاسم، وإن كنا لا نعرف من أمره شيئًا إلا هذه القصص والأساطير. وقديمًا أنكروا وجود عاد وثمود، ثم اتّضح بعد ذلك من الكتابات وجود عاد وثمود. وهكذا قد يعثر في المستقبل على كتابات وبارية لعلها تلقي ضوءًا على حالة ذلك الشعب.

ونجد في رواية أهل الأخبار عن عمار "وبار" وكثرة زروعها ومراعيها ومياهها في الجاهلية شيئًا من الأساس؛ فقد أيّد السياح ذلك، وأثبتوا وجود أثر من آثار عمران قديم٥. وهو سند يتخذه القائلون بتطور جوّ بلاد العرب، وسطحها لإثبات رأيهم في هذا التغيير.


١ البلدان "٨/ ٣٩٢ فما بعدها"، منتخبات "ص١١٣"، "ولحقت أميم بأرض وبار فهلكوا بها, وهي بين اليمامة والشحر. ولا يصل اليوم إليها أحد، غلبت عليها الجنّ. وإنما سميت أبار بأبار بن أميم"، طبقات ابن سعد "ج١، قسم ١ص٢٠.
٢ البلدان "٨/ ٣٩٢".
٣ البلدان "٨/ ٣٩٢ فما بعدها"، الفزويني، عجائب المخلوقات "٢/ ٤١"، "طبعة وستنفلد"، المسعودي، التنبيه "ص١٨٤"، صفة "١٥٤، ٢٢٣".
٤ Sprenger Geogr. S. ٢٩٦.
٥ Enc. Vol. ٤, P. ١٠٧٧, Philby, The Heart of Arabia, vol. ٢, P. ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>