للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد في الأخبار المتعلقة بـ"الرها" أن أهل هذه المدينة، كانوا يعبدون الشمس ويعتقدون بوجود إله يطلع قبلها اسمه "أزيزوس" Azizos، وإله يظهر بعدها، يسمى "مونيموس" Monimos. وذهب الباحثون إلى أن "أزيزوس"، هو "عزيز" وهو نجم الصباح. ويطلع قبل طلوع الشمس. ويمثل "رضى" "رضو"، و"عثتر". ويرد اسم "رضى" في الكتابات التدمرية كذلك١. و"عزيز" "العزيز" من صفات الله في الإسلام.

وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن الصنم المنحوت على شكل طفل هو رمز لـ"عثتر"، أي "رضى" "رضو"، و"عزيز" وقد حفر على شكل طفل عاري الجسم في الكتابات التدمرية. أما الشمس والقمر، فقد مثلا إنسانين كاملين. ونجد هذا التصور للآلهة في الديانات الفطرية، التي استمدت إدراكها لِكُنه الآلهة عن مظاهر الطبيعة٢.

ولعل تصور الجاهليين الإله "رضو" على هيئة طفل، هو الذي يحل لنا المشكلة الواردة في أخبار "نيلوس" Nilus" عن تقديم العرب Saracens قرابين أطفالًا لكوكب الصباح. ذكر "نيلوس" أن العرب سرقوا ابنه الجميل الصغير "ثيودولس" Theodulus، وقرروا تقديمه قربانًا لكوكب الصباح. وقد قضى الطفل ليلة تعسة صعبة، فلما طلع الكوكب، وحان وقت تقريب الطفل قربانًا له، نام مختطفوه، ولم يستيقظوا إلا وقد طلعت الشمس، وفات وقت القربان، وبذلك نجا الطفل من الهلاك٣. وقد تفسر جملة "إننا نقدم لك قربًا يشبهك" الواردة في دعاء عثر على نصه في "حران" قصة تقديم الأطفال الجميلة قرابين إلى هذا الإله٤.

وقد أشار كتاب يونان إلى تعبد العرب إلى الشمس والقمر وكوكب الصباح، وهي أجرام سماوية تراها العين. ذاكرين أن العرب لا يتعبدون لآلهة روحية لا يبصرونها بأعينهم. ولهذا تعبدوا لهذه الأجرام المادية وللأحجار٥.


١ Handbuch, I, S. ٢٢٩.
٢ Handbuch, I, S. ٢٣١.
٣ Handbuch, I, S. ٢٠٣, Nili Opera, Tomus, ٧٩, ١٨٦٥, in Migne, Patrologia, Series Graeaca.
٤ Handbuch, I, S. ٢٣١.
٥ المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>