للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولآل أمامة في تبالة وهكذا١. ويظهر أن هؤلاء توارثوا هذا الحق من عهد سابق، إما لأنهم استوردوا الصنم أو تلك الأصنام إلى هذه المواضع فأقاموا فيها، وإما لأنهم كانوا يسكنون مع قبيلتهم في تلك الأماكن، ثم حدث لسبب من الأسباب أن جلت قبيلتهم عن المواضع. أما السدنة ففضلوا البقاء في الموضع الذي كانوا فيه حيث أصنامهم والبيت. ونجد مثل ذلك أيضًا عند العبرانيين٢.

ويظهر من تفسير لفظة "صوفة" و"صوفان"، على رأي بعض العلماء، أن هذه الكلمة كانت تقال لكل من ولي البيت شيئًا من غير أهله، أو قام بشيء من خدمة البيت أو بشيء من أمر المناسك٣. ومعنى هذا أن خدمة البيت: بيت مكة أو غيره، لم تكن خاصة بأهل الموضع الذي يكون فيه هذا البيت، بل كان من الجائز أن يتولاها أناس من أهل ذلك الموضع، وأناس من غيرهم أيضًا كأن يقيم أشخاص في ذلك المكان، فتطول إقامتهم به، وتظهر منهم زعامة أو من أولادهم تؤدي بهم إلى الاستحواذ على رئاسة البيت ورئاسة ذلك المكان، كالذي كان من أمر "قصي" مثلًا.

ولا بد من إدخال "النسأة". في رجال الدين فقد كان الناسيء هو الذي ينسئ النسيء يعين موسم الحج ويثبته للناس. فهو إذن فقيه القوم وعالمهم ومفتيهم في أمر الحج٤.

وقد كان من أهم واجبات "النسأة"، تثبيت وتعيين الأشهر. فقد كانت لدى الجاهليين أشهر حرم. لها حرمة ومنزلة خاصة في نفوسهم، لما كان لها من علاقة بآلهتهم وبتعبدهم لها. وبالحج فيها إلى معابد الآلهة. مثل شهر "ذ الألت" "ورخن ذ الألت"، وهو شهر خصص بالآلهة، كما يظهر من تسميته بها. يظهر أنه كان شهر تقرب وعبادة للأرباب. ومثل شهر "ذ عم"، "ذو عم"، و"عم" هو إله قتبان الرتيس، فيظهر أنه شهر مقدس خصص بعبادة هذا الإله، أو أن يومًا أو عيدًا خاصًّا به، كان يقع فيه، فدعي لذلك باسمه. ومثل شهر "ذ حجتن"، أي شهر "ذو الحجة"، وهو شهر خصص


١ Reste, S. ١٣٠.
٢.Reste, S. ٣١
٣ الروض الانف "١/ ٨٥".
٤ المحبر "١٥٦ وما بعدها" المعاني الكبير "٣/ ١١٧١".

<<  <  ج: ص:  >  >>