للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان في مكة وفي بيوت الآلهة الأخرى١.

ويرى ابن الكلبي أن الصنم "اللات" هو أحدث عهدًا من مناة٢. أما نحن فلا نستطيع أن نجرؤ فنقول بهذا القول؛ لأن الصنمين هما من الأصنام القديمة التي ورد ذكرها في كتابات النبط والصفويين. ثم إن "هيرودوتس" أشار إلى "اللات"، كما سأذكر ذلك. وليس من السهل حتى بالنسبة إلى ابن الكلبي أو غيره، ممن تقدم عليه بالزمن الحكم على زمن دخول عبادة الصنمين إلى جزيرة العرب؛ لأن ذلك يعود إلى زمن سابق لا تصل ذاكرة الرواة إليه.

ومكان بيت اللات في موضع مسجد الطائف، أو تحت منارة مسجد الطائف. وقد عرف البيت الذي بني على اللات بيت الربة. ويقصدون بالربة اللات؛ لأنه أنثى في نظر عابديه٣. ولا ندري أكان إنشاء مسجد الطائف على موضع معبد اللات رمزًا لحلول بيت الله محل بيت الربة، وبيت الأصنام، وتعبيرًا عن حلول الإسلام محل عبادة اللات والأصنام، أم كان ذلك لسبب آخر، هو وجود أسس سابقة وحجارة قديمة موجودة فاستسهل لذلك إقامة بناء المسجد في هذا المكان؟ وقد فسر بعض المستشرقين إقامة المسجد في هذا المكان، بأنه تخليد لذكرى الوثنية في نفوس بعض من أسلم لسانه وكفر قلبه، فسرهم قيام المسجد في هذا المكان ليبقى أثرًا يذكرهم بذكرى صنمهم القديم اللات٤.

وللأخباريين روايات عن صخرة اللات، منها أنها في الأصل صخرة كان يجلس عليها رجل، يبيع السمن واللبن للحجاج في الزمن الأول، وقالوا: إنها سميت باللات لأن عمرو بن لحي كان يلت عندها السويق للحجاج على تلك الصخرة، وقالوا: بل كانت اللات في الأصل "رجلًا من ثقيف. فلما مات، قال لهم عمرو بن لحي: لم يمت، ولكن دخل في الصخرة، ثم أمر بعبادتها، وأن يبنوا بنيانًا يسمى اللات"، وقالوا: "قام عمرو بن لحي، فقال لهم: إن ربكم كان قد دخل في هذا الحجر، يعني تلك الصخرة نصبها لهم صنمًا يعبدونها. وكان فيه وفي العزى شيطانان يكلمان الناس، فاتخذتها ثقيف طاغوتًا، وبنت لها.


١ Das Gotzenbuch, s. ٩٣.
٢ الأصنام "١٦".
٣ العرب في سوريا قبل الإسلام "١١٢".
٤ العرب في سوريا قبل الإسلام "١١٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>