للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبري أن "اللات هي من الله، ألحقت فيه التاء، فأنثت، كما قيل عمرو للذكر وللأنثى عمرة، وكما قيل للذكر عباس ثم قيل للأنثى عباسة"١.

وورد في بعض روايات أهل الأخبار أن الثقفي الذي كان يلت السويق بالزيت ويقدمه للناس، لما توفي قبر في موضع اللات، فعكفوا على قبره، فعبدوه وجعلوه وثنًا، وزعم بعض آخر أنه قبر عامر بن الظرب العدواني٢. فترى هذه الروايات أن "بيت الربة"، هو قبر رجل، دفن فيه، فعبد وصير إلهًا. وزعم قوم أنه كان رجلًا من ثقيف، يقال له "صرمة بن غنم"، وكان يسلأ السمن، فيضعه على صخرة، فتأتيه العرب، فلما مات، عبدته ثقيف٣.

وتفسير أهل الأخبار لاسم "اللات" هو بالطبع من تفسيراتهم المألوفة الكثيرة التي لا يمكن أن نثق بها، ولا يمكن أن نحملها على محمل الصدق والعلم. فالاسم هو من الأسماء القديمة التي عرفت قبل الميلاد ويرى بعض المستشرقين أنه إدغام وسط بين "الإلاهت" "أل سال هت" Al Alahat والإدغام التام "اللات" "أل لت" Allat، على نحو ما حدث للفظ الجلالة: "الإلاه" "أل- إل هـ" الذي صار "الله"٤.

وفي قول أهل الأخبار أن صخرة اللات كانت ليهودي، يلت عندها السويق أو لرجل من ثقيف، غمز وطعن في ثقيف، وقد غمز بها في أمور أخرى أشرت إليها في مواضع أخرى. ويعود سبب هذا الغمز إلى المنافسة التي كانت بين أهل الطائف وأهل مكة، ثم على الكراهية الشديدة التي حملها أهل العراق وأهل الحجاز وغيرهم للحجاج لأعماله القاسية، وعدم مبالاته ومراعاته للحرمات حتى بالنسبة إلى الكعبة، مما حمل الناس على كرهه وكره قومه ثقيف، وعلى وضع قصص عن ثقيف.

ولا يستبعد أن تكون صخرة اللات صخرة من هذه الصخور المقدسة التي كان يقدسها الجاهليون ومن بينها "الحجر الأسود" الذي كان يقدسه أهل مكة ومن


١ تفسير الطبري "٢٧/ ٣٤" تفسير الطبرسي "٢٧/ ٤٨ وما بعدها".
٢ روح المعاني "٢٧/ ٤٧ وما بعدها"، تفسير ابن كثير "٤/ ٢٥٣ وما بعدها". تفسير أبي السعود "٥/ ١١٢" "سورة النجم".
٣ الخازن "٤/ ١٩٤ وما بعدها".
٤ رينه ديسو: العرب في سوريا قبل الإسلام "١١٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>